You are here

المغرب ينظر في الأخذ بالقوى النووية ضمن مزيج الطاقة لديه في المستقبل

,

مركز المعمورة للدراسات النووية، المغرب (الصورة من: المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية)

في ظلِّ توقُّع أن يشهد استهلاك المغرب من الكهرباء زيادة كبيرة في الأعوام المقبلة واعتماد البلاد بشدة على مصادر طاقة مستوردة، يقيِّم المغرب إمكانية الأخذ بالطاقة النووية كخيار ضمن مزيج الطاقة لديه في عام ٢٠٣٠. ويعدُّ توافر الطاقة الميسورة التكلفة والنظيفة أمراً بالغ الأهمية من أجل تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء في المغرب بما يدعم استدامة التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.

وقال السيد خالد المديوري، المدير العام للمركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية ورئيس لجنة الطاقة النووية وتحلية مياه البحر التي أنشأتها في عام ٢٠٠٩ وزارة الطاقة والمناجم والمياه والبيئة: "في إطار الاستراتيجية الوطنية للطاقة، ينظر المغرب في الأخذ بالقوى النووية كبديل في الأمد البعيد من أجل تلبية احتياجات البلاد في المستقبل، ولكن لم يُتَّخذ حتى اليوم أيُّ قرار في هذا الشأن. ولهذا الغرض، أجرينا تقييماً عامًّا لهذه الظروف إلى جانب البنية الأساسية اللازمة لتنفيذ مشروع للقوى النووية يكون ممتثلاً للمعايير الدولية."

واليوم، هناك قرابة 30 بلداً في أنحاء مختلفة من العالم تفكِّر أو تتَّخذ خطوات فعلية من أجل استهلال برنامج من هذا القبيل. وتساعد الوكالة هذه البلدان على بناء معارفها في مجال تخطيط وتحليل الطاقة وتعزيز خبراتها في المجال النووي. وفي السنتين الماضيتين في أفريقيا، أوفدت الوكالة أربع من بعثات الاستعراض المتكامل للبنية الأساسية النووية إلى غانا وكينيا والمغرب ونيجيريا.

وفي تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٥، استضاف المغرب بعثة من بعثات الاستعراض المتكامل للبنية الأساسية النووية ووضع خطة عمل لمعالجة ما قدَّمته هذه البعثة من توصيات واقتراحات.

وقال المديوري: "إنَّ المغرب يقرُّ بأهمية نهج المعالم المرحلية البارزة الذي وضعته الوكالة وبالفائدة التي ينطوي عليها هذا النهج وبرامج المساعدة التقنية المرتبطة به،" في إشارة منه إلى المنهجية التي وضعتها الوكالة لتسترشد بها البلدان والمنظمات للعمل بأسلوب منهجي صوب الأخذ بالقوى النووية. وأضاف أنَّ "الوكالة تواصل، من خلال خطة العمل المتكاملة، تقديم مساعدتها القيِّمة من أجل تنفيذ التوصيات التي قدَّمتها بعثة الاستعراض المتكامل للبنية الأساسية النووية. وهذا الأمر يدعم إحراز مزيد من التقدُّم في إرساء البنية الأساسية النووية في المغرب."

تسخير التكنولوجيا النووية لأغراض التنمية الاجتماعية والاقتصادية

لقد شارك المغرب بنشاط في برنامج الوكالة للتعاون التقني بغية تعزيز قدراته في مجال الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية. واستفاد ذلك البلد من مشاريع متعددة ساعدته على بناء القدرات المحلية اللازمة لإجراء دراسة في مجال تخطيط الطاقة وتقييم الأخذ بالقوى النووية. ويستفيد المغرب أيضاً من مشروع بحثي منسق تابع للوكالة يساعد متَّخذي القرارات على النظر في جميع الخيارات التكنولوجية المتاحة فيما يتعلق بإمدادات الطاقة.

وتعود تجربة البلاد مع التكنولوجيا النووية إلى خمسينات القرن العشرين: إذ استخدم التقنيات النووية منذئذ في مجالات الطب والزراعة والتطبيقات الصناعية. وتحت إشراف المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية، يشغِّل المغرب المفاعل البحثي MA-RA1 الكائن في مركز المعمورة للدراسات النووية. ويُستخدم هذا المفاعل لإجراء البحوث في مجال الطاقة النووية والتحليل بالتنشيط النيوتروني وبحوث التقويم الجيولوجي وفي التعليم والتدريب.

ويضطلع المغرب بدور هام في تعزيز التعاون فيما بين بلدان الجنوب عبر توفير التعليم والتدريب المدعومين من الوكالة لفائدة البلدان الأفريقية، وذلك بالأساس من خلال المراكز الإقليمية المختارة في مجالات الأمان الإشعاعي والعلاج الإشعاعي والتغذية والاختبار غير المتلف والموارد المائية.

أدوات الوكالة لتخطيط الطاقة تساعد على تقييم الخيارات

تقدِّم الوكالة إلى الدول الأعضاء، بناء على طلبها، الإرشادات والدعم التقني في تقييم خيارات الطاقة، بما في ذلك الطاقة النووية. وفي حين أنَّ هذه المساعدة يمكن أن تسهم في تحقيق التنمية المستدامة، فإنَّ الوكالة لا تؤثِّر فيما يقع عليه اختيار الدول الأعضاء من خيارات الطاقة. ويتيح النهج الذي وضعته الوكالة لتخطيط الطاقة فرصة لتقييم جميع خيارات الطاقة على قدم المساواة.

الاستعراض المتكامل للبنية الأساسية النووية

الاستعراض المتكامل للبنية الأساسية النووية هو استعراض شامل يضطلع به نظراء لمساعدة الدول الأعضاء على تقييم حالة بناها الأساسية الوطنية فيما يتعلَّق بإمكانية الأخذ بالقوى النووية. ويشمل هذا الاستعراض البنية الأساسية اللازمة لوضع برنامج للقوى النووية بحيث يكون مأموناً وآمناً ومستداماً.

وتوفد الوكالة بعثات الاستعراض المتكامل للبنية الأساسية النووية إلى الدول الأعضاء، بناء على طلبها، وذلك عن طريق إرسال فريق من الخبراء الدوليين الذين لديهم خبرة مباشرة في جوانب متخصِّصة من البنى الأساسية النووية، وكذلك موظفين من الوكالة. وقبل استضافة بعثة من بعثات الاستعراض المتكامل للبنية الأساسية النووية، يجب أن يستكمل البلد المستضيف تقييماً ذاتيًّا فيما يتعلق بتسع عشرة مسألة متعلقة بالبنية الأساسية للقوى النووية متضمَّنة في نهج "المعالم المرحلية البارزة" الذي وضعته الوكالة، وهو منهجية شاملة تسترشد بها البلدان والمنظمات للعمل بأسلوب منهجي صوب الأخذ بالقوى النووية.

وتُمكِّن بعثات الاستعراض المتكامل للبنية الأساسية النووية ممثلي الدول الأعضاء في الوكالة من إجراء مناقشات متعمِّقة مع خبراء دوليين حول الخبرات المكتسبة وأفضل الممارسات المتَّبعة في مجال إرساء البنية الأساسية للقوى النووية. وتُقدَّم التوصيات والاقتراحات في هذا الشأن إلى الدول الأعضاء في شكل تقرير. ومن خلال تقديم تقييم شامل لجميع الجوانب التي ينطوي عليها برنامج للقوى النووية، بما في ذلك الهيئة الرقابية والمرافق العامة وجميع الجهات الحكومية المعنية المشارِكة، تُساعد بعثات الاستعراض المتكامل للبنية الأساسية النووية على ضمان تطوير وتنفيذ البنية الأساسية اللازمة للاستخدام الآمن والمأمون والمستدام للقوى النووية بطريقة مسؤولة ومنظَّمة.

نُشر هذا المقال في مجلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عدد حزيران/يونيه ٢٠١٧.

لمزيد من المعلومات عن "المؤتمر الدولي بشأن برنامج الوكالة للتعاون التقني: ستون عامًا وأكثر – المساهمة في التنمية" يمكنكم النقر على هذا الرابط.

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية