You are here

التكنولوجيا النووية تساعد على تطوير صنف جديد من الشعير في الكويت

,

قدَّمت الوكالة الدعم للكويت في مجال التدريب العملي على تحديد الطافرات وانتقاء سلالة الشعير الطافر في الحقل. (الصورة من: ليوبوكو يانكولوسكي/الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

الكويت – ثمّة أصناف جديدة من الشعير المزروعة محلياً والمطوَّرة باستخدام التشعيع بدعم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وهي في المراحل النهائية من التطوير وستكون جاهزة لوضعها في متناول المزارعين لأغراض إنتاجها في السنوات القادمة.

وقالت حبيبة المناعي، إحدى كبار الباحثين العلميين ضمن برنامج الزراعة والنُّظم البيئية الصحراوية في معهد الكويت للأبحاث العلمية: "للتكنولوجياتِ الحديثة في مجال استيلاد النباتات والضامنة للاستدامة والمحافِظة على الموارد الطبيعية النادرة أهميةٌ قصوى في تحقيق الأمن الغذائي الوطني وتعزيز التنوُّع البيولوجي". وأضافت قائلة: "وقاد انضممنا إلى المشاريع البحثية المنسَّقة المشتركة بين الفاو والوكالة في مجال الاستيلاد الطفري إلى تطوير العديد من سلالات الشعير الطافرة التي تتميز بغلّةٍ وجودة أفضل في الظروف البيئية في الكويت".

وبما أن الأراضي الصالحة للزراعة في الكويت تقتصرُ على مساحات محدودة، فإنه يتمُّ استيراد ٩٥% من احتياجات البلاد من الأغذية والأعلاف الحيوانية من الخارج. ويُعدُّ الشعير من المحاصيل المفضَّلة للزراعة لأنه يتحمّل الجفاف نسبياً، وعليهِ فإنّه من أكثر المحاصيل الملائمة لبلد جافّ مثل الكويت. ووجود محاصيل زراعية محلية ذات غلّة عالية من بين الأهداف الرئيسية لبرنامج الزراعة في الكويت بهدف تعزيز الأمن الغذائي.

وتابعت المناعي قائلة: "زيادة الإنتاج الزراعي في الكويت تمثّل تحدياً رئيسياً بسبب العديد من القيود، مثل الجفاف، والملوحة، ومصادر المياه المحدودة، والموارد الوراثية النباتية المحدودة، وانخفاض نسبة الأراضي الصالحة للزراعة، والأحداث المناخية غير المتوقعة".

وتطوير أصناف جديدة ذات سمات محسَّنة ما هو إلا الخطوة الأولى نحو زيادة الغلة الزراعية. ويساعد تحقيق المستوى الأمثل على صعيد كفاءة استخدام المياه والمغذّيات على ضمان أن الأصناف الجديدة المحسَّنة ترقى إلى مستوى الغلّة الممكنة، مثلما تعود بمنافع زراعية وبيئية واقتصادية. وفي هذا السياق، قالت المناعي: "يتطلب إنتاج المحاصيل بكفاءة إرساء ممارسات ملائمة في إدارة التربة والمياه والمحاصيل في الحقول. وفي هذا الصدد، يتمُّ رصد مستويات رطوبة التربة لوضع استراتيجيات فعالة لإنتاج المحاصيل ذات الكفاءة في الموارد. ويزيد ذلك كفاءة الإنتاج الزراعي ويحافظ على الموارد الطبيعية".

وقال الدكتور نادر العوضي، المفوض التنفيذي للتعاون الدولي في معهد الكويت للأبحاث العلمية، إن هذه خطوة مهمة إلى الأمام لصناعة الزراعة المحدودة في الكويت. فتاريخياً، حدَّ الجفاف والملوحة والأمراض من إنتاجية المحاصيل الأساسية في الكويت. وأضاف العوضي قائلاً إنَّ نقصَ أصناف المحاصيل المحسَّنة للظروف البيئية المحلية، ومعه الممارسات غير السليمة في إدارة التربة والمياه والمغذّيات، قد أعاق حتى اليوم الإنتاج الزراعي المستدام والكفء.

الشعير الطافر - الجيل التالي

يزيد حثُّ الطفرات بالاستعانة بالإشعاعات التنوُّعَ الجيني الضروري لإنتاج أصناف جديدة ومحسَّنة بالسرعة اللازمة، وبالتالي فهو يتفوَّق في سماته على أساليب الاستيلاد التقليدية. وفي هذا السياق، قالت المناعي: "لم يكن هناك أيّ عمل في مجال طفرات المحاصيل إلى أن بدأ تعاوننا مع برنامج الفاو/ الوكالة، وتلقينا المعدات اللازمة لأغراض تكاثر وفرز النباتات". وبهدف تطوير أصناف الشعير الجديدة، تمَّ تقييم أداء نمو وغلة أصناف وسلالات الشعير الواردة من بلدان أخرى في ظلّ الظروف البيئية في الكويت. وتمَّ تحديد أفضل الأصناف القابلة للتكيُّف، وعُرّضت البذور لطفر مستحث باستخدام أشعة غاما.

وتمَّ توليد سلالات طافرة جديدة ويتمُّ حالياً فحصها للتثبُّت من تحمُّلها للجفاف والملوحة. وسيتمُّ المُضي قُدُماً في تطوير السلالات الطافرة المختارة، ومن ثم يمكن مضاعفتها لأغراض زراعتها. وهنا قالت المناعي: "هذه عملية طويلة، لكننا على وشك أن نشاهد نتائج تُحدث تغييرات في حياتنا، وسيكون لها تأثير كبير في قطاع الزراعة في الكويت في وقت قريب".

تغيُّر المواقف: زيادة وعي المزارعين

تمثّل أحد التحديات الرئيسية في شرح سلامة سلالات الشعير الطافرة الجديدة للمزراعين. وقالت المناعي: "عندما سمعوا أن "تقنيات نووية" استُخدمت لاستحداث بذور شعير محسَّنة، شعروا بالخوف"، مضيفةً أن السلطات قد شجَّعت مالكي الأراضي والمزارعين على المشاركة في حلقات عمل عن تكنولوجيا طفرات المحاصيل". وقد وفرت حلقات العمل المذكورة معلومات متعمّقة وأثمرت، مع مرور الوقت، عن تغيُّر موقف المزارعين.

وكان لعيسى الحساوي، رئيس مجلس إدارة شركة الألبان الكويتية، دوراً ريادياً في دعم المزارعين لجهود معهد الكويت للأبحاث العلمية في الترويج لفوائد الشعير الطافر الجديد. وقال الحساوي: "نحن سعداء لأن تربتنا الرملية، وهي قليلة أو عديمة المياه، ستنتج صنف شعير جديداً لمنفعة شعبنا، ومن المؤمّل أن يقود ذلك إلى تصديرنا للشعير في المستقبل". وأضاف قائلاً: "كان العمل على المستوى الشعبي مع المزارعين المحليين أمراً حيوياً للتغلب على مخاوفهم والعقلية التقليدية".

التدريب وتعزيز الخبرات

مثّل دعم الفاو/الوكالة عنصراً أساسياً في نجاح تطوير صنف الشعير الجديد. وقال المناعي إنه من خلال التعاون التقني والمشاريع البحثية المنسَّقة، كان من شأن التدريب في مجال تقنيات طفرات المحاصيل المتكاملة وكذلك المعدات المقدَّمة إلى مختبرات النباتات والتربة في معهد الكويت للأبحاث العلمية أن تمكّن العلماء من التوصُّل إلى فهم أفضل لكيفية أن التقنيات النووية مثل الحثّ بأشعة غاما لأغراض طفرات المحاصيل يمكن أن تساعد في الحصول على محاصيل أفضل.

ولكي ينمو الشعير وينبت البذور، تُعدُّ رطوبة التربة أمراً حاسماً، وفي هذا الجانب مثّل دعم برنامج الفاو/الوكالة لقسم التربة والمياه في معهد الكويت للأبحاث العلمية، من خلال التدريب والمعدات، قيمةً مضافةً.

ولتقييم مستويات الرطوبة في التربة، ولضمان الاستفادة من كل قطرة ماء، وفّر خبراء الفاو/الوكالة التدريب على إدارة مياه التربة ومعدات رطوبة التربة، بما في ذلك استخدام مستشعر نيوترونات الأشعة الكونية لتقييم مدى توافر المياه للمحصول. ويراقب مستشعر نيوترونات الأشعة الكونية رطوبة التربة على مساحة تصل إلى ٢٠ هكتاراً، وهذه الرقعة تفوقُ بكثير الرقعة التي تغطيها مستشعرات الرطوبة التقليدية، وفق ما قال عبدالله سالم الشطي، الباحث الرئيسي في قسم أبحاث التربة في معهد الكويت للأبحاث العلمية.

وتُرصد الرطوبة في التربة في الوقت الحقيقي، وتساعد البيانات المستمدة في وضع استراتيجيات فعالة لتحقيق المستوى الأمثل في نُظم الري التكميلية لجعل التربة رطبة إلى مستوى يفيد إنتاج المحاصيل، وفق ما قال الشطي. "تساعد البيانات التي يتم جمعها من مستشعر نيوترونات الأشعة الكونية أيضاً على استحداث إجراء دقيق للحفاظ على الرطوبة في التربة باستخدام الأعشاب الجافة ولحاء الشجر في طبقة التربة العلوية للحفاظ على الرطوبة".

المشاركون في حلقة عمل عقدها معهد الكويت للأبحاث العلمية بدعم من الوكالة وتم خلالها تدريب خبراء إقليميين على مستشعرات نيوترونات الأشعة الكونية، واستضافت الكويت حلقة العمل في تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٨. (الصورة من: دين كالما، الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية