You are here

المحافظة على كل قطرة ماء، تقنيات الهيدرولوجيا النظيرية تحسِّن تقنيات إدارة المياه في الكويت

,

ويعمل معهد الكويت للأبحاث العلمية على تجميع عينات المياه الجوفية العذبة من مستودعات المياه الجوفية الشمالية لأغراض إجراء تحاليل نظيرية. (الصورة من: معهد الكويت للأبحاث العلمية)

الكويت - إنَّ البلدان القاحلة، مثل الكويت، تركِّز أكثر فأكثر على التقنيات التي تستخدم النظائر المستقرة لتقييم مواردها من المياه الجوفية والتصدي لتحديات التصرف في موارد المياه العذبة بأسلوب مستدام لتلبية طلبات سكانها الذين تتزايد أعدادهم.

قال سعيد محمد الراشد المدير التنفيذي لمركز أبحاث المياه التابع لمعهد الكويت للأبحاث العلمية: "لا توجد في الكويت أنهار وبحيرات دائمة وتعتبر المياه الجوفية مصدرنا الطبيعي الوحيد من المياه. ويبلغ متوسط هطول الأمطار في بلدنا ١١٥ مم فقط في السنة ولا توجد لدينا جداول من المياه العذبة". لذلك فإنَّ السياسات الفعالة لإدارة المياه هي سياسات حيوية لضمان جودة المياه المتاحة وضمان كميات كافية للاستجابة لطلبات سكان البلد البالغ عددهم أكثر من أربعة مليون نسمة.

وتوجد احتياطيات المياه الجوفية الكويتية بالأساس في الجزء الشمالي من البلد وهناك كميات محدودة من المياه المتجددة، إذ أن هناك نسبة ضئيلة فقط من مياه الأمطار التي تصل إلى هذه المستودعات المائية الجوفية.

وتعتبر الهيدرولوجيا النظيرية أحد الأساليب العلمية الرئيسية التي يستخدمها الخبراء في الكويت لتعقب أثر حركة المياه العذبة ولتقييم عمر المياه الجوفية المتاحة. ويعتمد ذلك الأسلوب على ما تنقله المياه "الموسومة" طبيعياً من مختلف النظائر، التي يمكن استخدامها لتحديد مصادر المياه فوق سطح الأرض وتحته، وعمر هذه المياه وحركتها وتفاعلاتها. ويستطيع الخبراء بفضل البيانات التي يحصلون عليها ويصوِّرونها كخرائط هيدرولوجية اتخاذ قرارات قائمة على الأدلة بشأن إدارة الموارد المستدامة. ولقد أجرى الراشد وزملاؤه عدة دراسات هيدرولوجية نظيرية لإدارة المياه الجوفية في الكويت.

وتعتبر نسبة استخدام المياه في الكويت أعلى نسبة في العالم، إذ أن حجم استهلاك الفرد الواحد يفوق ٤٠٠ لتر في اليوم. ويبلغ معدَّل سحب المياه الجوفية ٢٥٥ مليون متر مكعَّب في السنة. وفي المقابل، فإنَّ التدفق الطبيعي للمياه الجوفية من مستودعات المياه الجوفية من البلدان المجاورة يُقدَّر بنحو ٦٧ مليون متر مكعَّب في السنة. وبوجود موارد محدودة من المياه العذبة، فإنَّ الكويت تعتمد إلى حد كبير على تحلية مياه البحر، وهي عملية باهظة الثمن.

وقال خالد هادي مدير إدارة العمليات في مركز أبحاث المياه: "علينا النظر في جميع المناطق التي تتاح فيها مياه الشرب، ففيها تستطيع تكنولوجيا النظائر أن تساعد في إجراءات دراسات استقصائية، لأنها تنظر في الاستخدام الأمثل لجميع الموارد المائية اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة."

وقال نادر العوضي المسؤول التنفيذي لشؤون التعاون الدولي في معهد الكويت للأبحاث العلمية إنَّ الجهود الوطنية تركِّز على إجراء دراسات استقصائية لموارد المياه الجوفية باستخدام الهيدرولوجيا النظيرية بالاقتران مع الأساليب الفيزيائية الكيميائية، فتقيِّم تجدد مياه تهاطل الأمطار، وتضع استراتيجية مثلى لإنتاج المياه، ثم تقيِّم جدوى التجديد الصناعي لمستودعات المياه الجوفية.

الدراسات المتعلقة بالمياه، دعم المختبرات: جهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية في بناء القدرات

ودأبت الوكالة على دعم الكويت منذ عام ٢٠٠٠ من خلال مختلف مشاريع التعاون التقني، مما أدى إلى فهم موارد المياه الجوفية المتاحة والإجراءات التصحيحية لتعزيز سياسات إدارة المياه.

فعلى سبيل المثال هناك مشروع تعاون تقني تدعمه الوكالة بشأن إجراء دراسات استقصائية نظيرية لتقييم هيدرولوجيا المياه الجوفية في الكويت وقد ركَّز على جمع البيانات النظيرية للمياه الجوفية التي أُدمِجت فيما بعد مع البيانات التي جُمِّعت خلال دراسات سابقة لأغراض رسم الخرائط النظيرية للمياه الجوفية التي تشمل البلد بالكامل. وساعد تطبيق التقنيات النظيرية في تفسير منشأ المياه الجوفية وعمرها وحركتها، وهي معلومات أساسية لإدارة الموارد المائية إدارة مستدامة.

وهناك مشروع آخر ركَّز على تقييم مصادر التلوث المحتملة من النترات والكبريت في حقول المياه الجوفية في الكويت من خلال تحديد الخصائص النظيرية. كما أنه أجرى دراسة حول مستويات المواد المشعة الموجودة في البيئة الطبيعية في المياه الجوفية. وقال السيد هادي إن الدراسة خلصت إلى أنَّ المصدر الرئيسي للكبريت والنترات في المياه الجوفية هو طبيعي لا نتيجة لنشاط بشري. "فلقد ساعدت هذه المشاريع المفيدة التابعة للوكالة في تصميم استراتيجيات فعالة لإدارة المياه."

وهناك بعض العينات المائية تُرسل كذلك إلى مختبر الهيدرولوجيا النظيرية التابع للوكالة في فيينا بالنمسا من أجل تقييمها.

كما أنَّ الوكالة قدَّمت الدعم في إنشاء مختبر الكويت للهيدرولوجيا النظيرية، وهو مختبر يضم أحدث الأجهزة المتاحة من خلال مشاريع الوكالة للتعاون التقني. وتنطوي المجالات الأخرى المتصلة بالمساعدة على بناء القدرات على تدريب العلماء وإجراء الأبحاث بشأن مجموعة من المسائل المتعلقة بالمياه الجوفية.

وفي اجتماع عُقد مؤخراً مع موظفي الوكالة، قالت الدكتورة سميرة عمر مديرة معهد الكويت للأبحاث العلمية: "إنَّ حكومة الكويت تقدِّر كثيراً الدور المحوري الذي تضطلع به الوكالة من خلال أنشطتها ودعمها للدول الأعضاء في أنشطة الترويج من خلال بناء القدرات على الصعيد العالمي وإقامة الشبكات وتبادل المعارف وإرساء الشراكات في مختلف مجالات الاستخدامات السلمية للعلوم والتكنولوجيا النووية."

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية