استضافت الوكالة حديثاً أول حلقة عمل لمساعدة البلدان في منطقة آسيا والمحيط الهادئ على إعداد وثائق تمويلية استراتيجية لتعزيز فرص الحصول على خدمات الطب النووي والعلاج الإشعاعي التي تُعَدُّ أساسية للتخفيف من العبء المتزايد للسرطان.
وضمَّت حلقة العمل التي عُقدت في الفترة من 12 إلى 16 أيار/مايو 2025 في مقر الوكالة الرئيسي في فيينا أفرقة متعددة التخصصات من كمبوديا ولبنان ومنغوليا ونيبال. وشمل المشاركون ممثلين من وزارات الصحة والمالية ومن معاهد معنية بمكافحة السرطان وهيئات مختصة بالبنى الأساسية.
وفي وقت يُتوقَّع فيه ارتفاع عدد حالات الإصابة الجديدة بالسرطان إلى 32,6 مليون حالة بحلول عام 2035، يسعى العديد من البلدان إلى تعزيز خدمات الطب النووي المتقدمة التي تدعم الكشف المبكر، مثل التصوير المقطعي بالانبعاث البوزيتروني، وهو فحص يبيِّن الطريقة التي تعمل بها الأعضاء والأنسجة داخل الجسم، وإلى زيادة فرص الحصول على العلاج.
وفي حين أن تكاليف العلاج الإشعاعي المنقذ للحياة قد تصبح معقولة على المدى الطويل، فإن التكاليف الأولية يمكن أن تكون باهظة بالنسبة إلى العديد من البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل. وتساعد الوثائق القابلة للتمويل على سد هذه الفجوة لأنها تتيح توضيح الاحتياجات السريرية لوزارات المالية ومؤسسات التمويل الإنمائي ومستثمرِي القطاع الخاص، وهو ما يضمن تأمين التمويل اللازم لهذه الخدمات.
وخلال حلقة العمل، قال هشام اسماعيل فواز، رئيس دائرة المستشفيات والمستوصفات التابعة لوزارة الصحة العامة في لبنان: "يعاني لبنان حالياً أزمات متعددة، إضافةً إلى الارتفاع الكبير في معدلات الإصابة بالسرطان." وأضاف: "نهدف إلى تعزيز فرص الحصول على العلاج الإشعاعي في المستشفيات العامة التي شهدت في السنوات الأخيرة زيادة بنسبة 40 في المائة في الطلب على هذه الخدمات لأنه لم يعد بإمكان الناس تحمُّل تكاليف الرعاية الصحية التي تقدِّمها الشركات الخاصة. وستمكِّننا وثيقة قابلة للتمويل مُعدَّة جيداً من الوصول إلى جهات مانحة متعددة."
وطُبِّقت في حلقة العمل المنهجية التي وضعتها الوكالة لإعداد اقتراحات جاهزة للاستثمار تراعي احتياجات كل بلد وتجمع في إطار واحد ومتماسك بين المبررات السريرية، والتصميم التقني، والتخطيط للقوى العاملة، وتدابير الأمان الإشعاعي، ونمذجة التكاليف، واستخدام التكنولوجيات الرقمية في مجال الرعاية الصحية، وضمانات الاستدامة.
وقالت ليسا ستيفنز، مديرة برنامج العمل من أجل علاج السرطان الخاص بالوكالة: "استفاد أكثر من 40 بلداً من دعم الوكالة في إعداد هذا النوع من الوثائق." وأضافت: "من خلال مبادرة أشعة الأمل ، وردتنا طلبات إضافية للانتفاع بهذه الأدوات التمويلية في وقت تسعى فيه البلدان إلى تلقِّي الإرشادات والدعم في وضع حلول مستدامة لعلاج السرطان."
وللوثائق القابلة للتمويل ثلاث مزايا:
- الموثوقية – تستند الوثائق إلى معايير الأمان الصادرة عن الوكالة والمعايير الدولية للتكاليف، مما يعطي وزارات المالية والمُقرِضين الخارجيين الثقة بالتوقعات المحددة.
- الكفاءة – تتضمن الوثائق بيانات تقنية ورقابية ومالية لتبسيط عمليات الموافقة بين الوزارات وتسريع وتيرة المناقصات وتقليص الأطر الزمنية لأعمال التشييد.
- الاستدامة – تشتمل الوثائق على خطط تدريبية وجداول زمنية للصيانة الوقائية واستراتيجيات للتمويل المرحلي تضمن توفير الخدمات على المدى الطويل وتعظيم آثار العلاج لفائدة المرضى.
وعلى مدى الأيام الخمسة، عملت الأفرقة الوطنية مع خبراء الوكالة المختصين بميادين الصحة البشرية والأمان الإشعاعي والمجالات المتصلة بها، وتطرقوا إلى مواضيع مثل رسم الخرائط بشأن عبء السرطان، وشراء المعدات، والمخططات الهندسية للمرافق وتدريعها، وإنتاج النظائر للتصوير المقطعي بالانبعاث البوزيتروني، والصيانة الروتينية، ومرونة سلاسل الإمداد، واستخدام منصات التطبيب عن بُعد من أجل التخطيط للعلاجات. وأتاحت الجلسات المتعلقة بالمسائل المالية للأفرقة فهم كيفية التنبؤ بالتكاليف التشغيلية، وتحديد الوفورات الناتجة من انخفاض عدد الإحالات إلى الخارج، وتبيان القدرة على تحمُّل التكاليف في الأجل الطويل. وتم التطرق في المناقشات الخاصة بإدارة المخاطر إلى أوجه عدم اليقين على صعيد الرقابة والإمدادات والموارد البشرية. فمن المهم معالجة هذه المسائل لإبقاء الاقتراحات متماسكة في إطار سيناريوهات مختلفة.
وقالت مشارِكة في حلقة العمل، وهي كانتشان أدهيكاري من الأكاديمية الوطنية للعلوم الطبية-مستشفى بير في نيبال: "يعطينا هذا الإطار شرحاً واحداً وشافياً لمختلف المسائل، بدءاً بأعداد المرضى وانتهاءً بفترة السداد." وأضافت: "يمكِّن ذلك وزارتَي الصحة والمالية في بلدنا من العمل معاً لتعزيز فرص الحصول على خدمات العلاج الإشعاعي واعتماد التصوير المقطعي بالانبعاث البوزيتروني-التصوير المقطعي الحاسوبي."
وغادر كل فريق وطني فيينا وفي حوزته مسودة وثيقة في مرحلة متقدمة من الصياغة سيتم تنقيحها بدعم من الوكالة في الأسابيع المقبلة لإرساء أسس تعبئة الموارد واستخدامها.
وقالت مي عبد الوهاب، مديرة شعبة الصحة البشرية في الوكالة: "إن مسودات الوثائق هذه فعالة في تأمين التمويل الإنمائي لأنها سليمة وملائمة ومجدية من الناحية التقنية، وهو ما يبرِز الخبرة التي اكتسبتها الوكالة على مدى عقود وأهمية إرشاداتها الخاصة بالصحة البشرية التي ساعدت البلدان على تنمية قدراتها في مجال الطب الإشعاعي وتعزيزها." وأضافت: "من خلال الاستخدام المأمون والفعال للتكنولوجيات النووية، يمكننا تعزيز مدى توافر خدمات علاج السرطان وجودتها من أجل ضمان تكافؤ فرص الجميع في الحصول على العلاج."