You are here

لمصلحة الأُسر: تعزيز المعايير العالمية لوقاية المرضى من الإشعاعات

,

تشغل شادية رزق منصب أخصائية في الوقاية من الإشعاعات في شعبة الأمان الإشعاعي وأمان النقل وأمان النفايات بالوكالة. (الصورة من: دين كالما، الوكالة)

تقدم الوكالة لمحات عن النساء في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لإلقاء نظرة متعمقة على مسارات وظيفية متعددة، وإلهام القراء وتشجيعهم، لا سيما النساء، على السعي لبدء حياة مهنية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. طالعوا المزيد من اللمحات عن النساء العاملات في الوكالة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

تعلمت شادية رزق أهمية الإشعاع في الطب في عشريناتها عند تشخيص إصابة والدها بالليمفوما اللاهودجكينيَّة، وهي نوع من السرطانات يصيب الجهاز المناعي.   

وكانت السيدة رزق شاهد عيان على الدور المحوري الذي أداه الإشعاع في تشخيص حالة والدها وعلاجه، مع خضوعه لجلسات متعددة للعلاج الإشعاعي وما يقرب من 30 عملية فحص بتقنية التصوير المقطعي بالانبعاث البوزيتروني (تقنية PET-CT).  

وفي الوقت نفسه، تزايد وعيها بالمخاطر المحتملة التي ينطوي عليها التعرض المتكرر للإشعاع، وأدركت وجود فجوة خطيرة في الإرشادات المتعلقة بوقاية المرضى من الإشعاعات، وصار هذا الإدراك عاملاً أساسياً في تشكيل حياتها المهنية بعد ذلك. 

وازدادت شواغل السيدة رزق حين وُلدت ابنتها مصابة بمتلازمة ريت، وهي اضطراب عصبي وراثي يؤثر في المقام الأول على نمو الدماغ، مما أدى لاحقاً إلى إصابتها بانحراف شديد في العمود الفقري يقتضي التقاط الصور الإشعاعية بانتظام.   

وتتذكر السيدة رزق أنَّه "لم يكن هناك متخصصون لشرح المخاطر أو ضبط هذه الفحوصات على النحو الأمثل من وجهة نظر الوقاية من الإشعاعات". 

وأدت جهودها للموازنة بين علاج والدها واحتياجات ابنتها الطبية إلى تعميق رغبتها في فهم وتعزيز الوقاية من الإشعاعات وسلامة المرضى. 

وضع معايير مرجعية جديدة

بدأت السيدة رزق رحلتها في مجال الوقاية من الإشعاعات وقياس الجرعات بعد حصولها على درجة الماجستير في علوم المواد والمكونات الإلكترونية في عام 2004، حين عُرضت عليها في عام 2005 وظيفة مسؤولة تقنية في مختبر الرصد الفردي في هيئة الطاقة الذرية اللبنانية.  

وفي إطار هذا الدور، اضطلعت بالإشراف على أمان التعرض للإشعاعات المهنية لأكثر من 6000 من العاملين في أكثر من 400 من مرافق الرعاية الصحية والشركات الصناعية ومراكز البحوث.   

وتقول السيدة رزق: "من المهم أن نعرف ما هو قياس الجرعات وما هي أهميته"، وتوضِّح: "هو قياس وحساب الجرعة الإشعاعية التي يمتصها الجسم البشري أو أي أجهزة أو أشياء أخرى. وهو يؤدي دوراً حاسم الأهمية في مجالات علم الأشعة والطب النووي والعلاج الإشعاعي لضمان الأمان والفعالية في استخدام الإشعاع". 

وتمكنت السيدة رزق أيضاً من الحصول على شهادة اعتماد آيزو للمختبر اللبناني، وهي الشهادة الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، لترسي مستوى مرجعياً جديداً للمعايير والجودة في توفير الوقاية من الإشعاعات للعاملين المعرضين مهنياً في المنطقة. 

وقال السيد بلال نصولي، المدير العام لهيئة الطاقة الذرية اللبنانية وأستاذ السيدة رزق السابق أثناء دراستها للماجستير: "لقد تركت جهود شادية أثراً لن يُمحى، حيث عملت باستمرار على رفع المعايير وتعزيز الممارسات المتبعة في هذا المجال".  

وفي عام 2007، بدأ تعاون السيدة رزق مع الوكالة، أولا كمستفيدة من منحة دراسية ثم كنظيرة في أربعة مشاريع في إطار برنامج التعاون التقني. وكان عملها مع الوكالة منصباً على موضوع الرصد الفردي والامتثال الرقابي لتحسين الوقاية من الإشعاعات المهنية في لبنان بما يتماشى مع معايير الأمان الأساسية الدولية الصادرة عن الوكالة.  

ويقول السيد فيليب فانهافير، منسق بحوث الوقاية من الإشعاعات في المركز البلجيكي للبحوث النووية، والذي عمل مع السيدة رزق في إطار بعثة من الوكالة إلى المختبر اللبناني: "رغم محدودية الموارد، ظلت ثابتة في التزامها بتقديم خدمات قياس الجرعات وفقاً للمعايير الدولية، وكان شغفها ببحوث الوقاية من الإشعاعات عنصراً بارزاً طوال الوقت". 

وضع المرضى في بؤرة الاهتمام

مع تزايد خبرات السيدة رزق، تزايد أيضاً تأثير جهودها. وفي السنوات التالية، وسعت نطاق تركيزها ليتجاوز الوقاية من الإشعاعات المهنية لمعالجة اهتمامها المتزايد بموضوع آخر هو وقاية المرضى من الإشعاعات. 

وفي عام 2016، حصلت على درجة الدكتوراه في الوقاية من الإشعاعات والفيزياء الطبية من جامعة القديس يوسف في بيروت بلبنان، مع مواصلة عملها في المختبر. وكان هدفها هو العمل المستمر على ترشيد التعرض الطبي والتقليل إلى أدنى حد من التعرض غير الضروري والعرضي. 

ويعني ذلك تحديد مستويات مرجعية للإجراءات الطبية الإشعاعية التشخيصية والتدخلية، وكذلك لإجراءات الطب النووي التشخيصي. وقدمت السيدة رزق تدريباً ميدانياً للمهنيين الصحيين على إدارة جرعات المرضى، وتحسين بروتوكولات التصوير، وتقييم جودة الصور، وتنفيذ برامج ضمان الجودة، بما في ذلك إدارة حالات التعرض العرضي. 

وفي الوقت نفسه تقريباً، اتصلت الوكالة بالسيدة رزق مرة أخرى، هذه المرة لتقديم التدريب من خلال بعثات خبراء مصممة لدعم بلدان المنطقة في بناء القدرات في مجال الوقاية من الإشعاعات المهنية ووقاية المرضى من الإشعاعات. 

وبالإضافة إلى التوفيق بين دراساتها وواجباتها المهنية، كان عليها أيضا أن تولي رعاية خاصة لابنتها. وكثيراً ما كان ذلك يعني مواصلة العمل والاضطلاع بمسؤوليات متعددة لما قد يصل إلى 16 ساعة في اليوم لسبعة أيام في الأسبوع.  

وفي هذا السياق، تقول السيدة رزق: "إن الأمر يتطلب المثابرة والقدرة على التكيف، لكن كل تحدٍّ يحمل في طياته فرصة للنمو والتعلم وإحداث تأثير إيجابي على الصعيدين المهني والشخصي". 

الصورة: شادية رزق تسجل معلومات أجهزة قياس الجرعات التي يرتديها العمال المعرضون مهنياً، في مختبر خدمات الرصد الفردي في عام 2017، بيروت، لبنان. 

ومنذ ذلك الحين، عينت الوكالة السيدة رزق أخصائية في مجال الوقاية من الإشعاعات لتشغل وظيفة بدوام كامل في شعبة الأمان الإشعاعي وأمان النقل وأمان النفايات. وفي إطار هذا الدور، تعمل السيدة رزق على إعداد تقارير الأمان التي توفر إرشادات لوقاية المرضى من الإشعاعات، ووضع المواد التدريبية لبناء قدرات المهنيين الطبيين، وتصميم دورات للتعلم الإلكتروني توفر فرصاً تعليمية مرنة وفعالة لجمهور دولي، وعقد حلقات دراسية شبكية حول المواضيع المتعلقة بالوقاية من الإشعاعات في سياق الاستخدامات الطبية للإشعاع المؤين.

كذلك لا تزال السيدة رزق تشارك بنشاط في مشاريع التعاون التقني التي تنظمها الوكالة من أجل تحسين القدرات في مجال وقاية المرضى من الإشعاعات في البلدان التي  تشتد فيها احتياجات الحصول على علاج السرطان، وخصوصاً في أفريقياً.  وتعكف أيضاً على تنفيذ برامج المساعدة التقنية وبناء القدرات لمساعدة البلدان على تعزيز أطرها الرقابية وتقليل حالات التعرض العرضي وتحسين ثقافة الأمان في قطاع الرعاية الصحية.

وتقول شادية رزق إنها "تتشرف بالمساهمة في التأثير الهائل الذي تحدثه الوقاية من الإشعاعات".

أي رسالة تود أن تنقلها للنساء الشابات اللاتي يدخلن هذا المجال؟ "لا تخشين أبداً من الخروج من المساحات المألوفة. لا تترددن في الحلم بجرأة، وفي السعي لتحقيق هذه الأحلام بلا خوف".

التزام الوكالة بالمساواة بين الجنسين

الوكالة ملتزمة بالمساواة بين الجنسين وبدعم قدرة جميع الأفراد، بصرف النظر عن نوع الجنس، على الإسهام في برامجها وأنشطتها والاستفادة منها على قدم المساواة. 

وفي عام 2020، أطلقت الوكالة أيضاً برنامج المنح الدراسية ماري سكلودوفسكا-كوري لدعم الجيل المقبل من المهنيات العاملات في المجال النووي عن طريق تقديم منح دراسية تتيح الحصول على درجة الماجستير في الميادين المتصلة بالمجال النووي. وأطلقت الوكالة في آذار/مارس 2023 مبادرة جديدة هي  برنامج ليزا مايتنر الذي يوفِّر للمهنيات في بداية ومنتصف حياتهن المهنية فرصاً للمشاركة في زيارات تدريبية تدوم عدة أسابيع في مرافق نووية. 

طالعوا المزيد من المقالات عن عمل الوكالة في مجال المساواة بين الجنسين، وتقدموا للوظائف الشاغرة أو فرص التدريب الداخلي أو قوائم المواهب

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية