"اشرب الكثير من الماء" هو شعار شائع للتمتع بصحة جيدة والحصول على مزيد من الطاقة وبشرة صافية وفقدان الوزن. وغالباً ما يُوصى بشرب لترين من الماء يوميًّا، كما هو الحال في المنشور المعنون Eatwell Guide (دليل الأكل جيداً) الصادر عن هيئة خدمات الصحة الوطنية في المملكة المتحدة (NHS)، ولكن يمكن أيضاً أن تزيد هذه الكمية عن هذا الحد بكثير. فعلى سبيل المثال، تُوصي مؤسسة National Academies (الأكاديميات الوطنية) في الولايات المتحدة النساء بشرب ما يصل إلى 2.7 لتر والرجال بشرب 3.7 لترات يوميًّا. ويستند العديد من هذه التوصيات إلى دراسات وبائية أو تجارب أُجريت على عشرات الأشخاص أو طرق ذاتية مثل الاستبيانات.
ومع ذلك، فإن دراسة جديدة أجراها فريق دولي من الباحثين نُشرِت في مجلة Science (العلوم)، تستكشف دوران الماء باستخدام البيانات التي جُمِعَت باستخدام التقنية النووية لتحليل الماء المزدوج الترقيم، تلقي ضوءاً جديداً على كمية الماء التي يجب استهلاكها بالفعل. ويشير دوران الماء إلى كمية الماء التي يستخدمها الجسم كل يوم. وعلى الرغم من أن دوران الماء يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالكمية التي يستخدمها الجسم، فإنه لا يعادل متطلبات الجسم من الماء، لأننا نمتص أيضاً الماء من الهواء من خلال البشرة ومن خلال الطعام الذي نتناوله.
وقد وجدت الدراسة أن المبادئ التوجيهية والتوصيات السابقة قد تكون مرتفعة للغاية بالنسبة لمعظم الناس في معظم الحالات ويمكن أن ينخفض المقدار الواقعي للاستهلاك اليومي إلى 1.5 لتر للشباب و1.3 لتر للشابات، ويختلف هذا المقدار باختلاف العديد من العوامل.
وقال يوسوكي يامادا من المعهد الوطني للابتكار الطبي الحيوي والصحة والتغذية، اليابان، المؤلف الأول لهذه الورقة الجديدة: "يمثل ماء الشرب حوالي نصف إلى 40 في المائة من معدل دوران الماء". وأضاف يامادا: "نحن نستهلك المحتوى المائي الموجود في الطعام، وجسمنا نفسه يُنتِج بعض الماء أثناء عملية أيض الطاقة أيضاً". وأضاف: "إذا ضربت معدل دوران الماء في حوالي 0.4، فربما يمكنك الحصول على الإجابة عن كمية الماء التي تحتاج إلى شربها يوميًّا، على الرغم من أن هذا يعتمد على ما تأكله".
وباستخدام قاعدة بيانات الماء المزدوج الترقيم التابعة للوكالة، فحص يامادا وأكثر من 90 باحثاً من معاهد في جميع أنحاء العالم البيانات المتعلقة بمحتوى الماء في الجسم ومعدل دوران الأيض لدى 5604 رجال ونساء، تتراوح أعمارهم بين ثمانية أيام و96 عاماً، من 23 بلداً نامياً وبلداً متقدماً.
واستخدم الباحثون هذه البيانات لوضع معادلة عامة للتنبؤ بدوران الماء يمكن استخدامها لتوقع آثار التغيرات المستقبلية في المناخ والديموغرافيا السكانية، على سبيل المثال، ومساعدة البلدان على توقع احتياجاتها المستقبلية من الماء.
وقال جون سبيكمان، البروفيسور في معهد شينزين للتكنولوجيا المتقدمة وجامعة أبردين، وأحد مؤلفي هذه الورقة: "إن فهم العوامل التي تدفع معدل دوران الماء لدينا والأهمية النسبية للعوامل المختلفة هو خطوة كبيرة إلى الأمام في قدرتنا على التنبؤ باحتياجات الماء في المستقبل".
ووجدت الدراسة أن هناك العديد من عوامل التنبؤ المرتبطة بدوران الماء التي تتجاوز العمر والحجم وتكوين الجسم. وتحدِّد الحالة الرياضية ومستوى النشاط البدني والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية أيضاً معدل دوران الماء.
وقالت أليكسيا ألفورد، أخصائية التغذية في الوكالة والمؤلفة المشارِكة في إعداد هذه الورقة: "هذه البيانات لا تدعم وجود نهج واحد يناسب الجميع فيما يخص استهلاك الماء،". وأضافت: "الأمر ليس بهذه البساطة مثل القول إن جميع الناس يجب أن يشربوا لترين من الماء يوميًّا. وهناك العديد من العوامل المعنية، ولا يوجد ما يبرر هذه التوصية لتكون أحد المتطلبات الصحية، خاصة في البلدان التي يكون فيها إنتاج ماء الشرب النظيف مكلفاً".
وقال ألفورد إن تقدير دوران الماء باستخدام هذه المعادلات الجديدة لا يمكن أن يساعد فقط في تصميم استراتيجيات لشرب كميات كافية من الماء ولكن أيضاً تصميم احتياجات الماء في المستقبل - وهو أمر حاسم مع زيادة عدد السكان وتغير المناخ.
واعتمدت الدراسة على البيانات المخزَّنة في قاعدة بيانات الماء المزدوج الترقيم التابعة للوكالة. وتحتوي قاعدة البيانات على بيانات من أكثر من 8,300 شخص، مما يجعلها إلى حد بعيد أكبر مجموعة من هذه البيانات في العالم. وقد جُمِعَت باستخدام نظائر مستقرة (غير مشعة) للهيدروجين والأكسجين - الديوتيريوم والأكسجين-18. وقاعدة البيانات مجانية ومتاحة للباحثين الذين لديهم أسئلة بحثية واضحة ومحدَّدة تحظى باعتماد فريق إدارة قاعدة البيانات. وفي حين أن معظم البيانات مستمدة من دراسات أجريت في بلدان غربية، فإن الوكالة تتطلع إلى توسيع مجموعة البيانات بشكل أكبر، وقد استهلَّت مشروعاً بحثيًّا منسقاً لإضافة بيانات من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
الأمر ليس بهذه البساطة مثل القول إن جميع الناس يجب أن يشربوا لترين من الماء يوميًّا. هناك العديد من العوامل المعنية، ولا يوجد ما يبرر هذه التوصية لتكون أحد المتطلبات الصحية، خاصة في البلدان التي يكون فيها إنتاج ماء الشرب النظيف مكلفاً.