أحرزت جزر المحيط الهادئ تقدماً على صعيد تحسين الزراعة وتعزيز التغذية بالاستناد إلى نهج جديد للوكالة ذي طابع محلي يرتكز على استخدام العلوم النووية لمواجهة التحديات الإنمائية.
وتقوم الوكالة، من خلال برنامجها للتعاون التقني، بتقديم الدعم إلى سبع من الدول الجزرية الصغيرة النامية في منطقة المحيط الهادئ، وذلك في طائفة واسعة من المجالات تشمل الأغذية، والزراعة، والصحة والتغذية. وفي هذا السياق، تعمل الوكالة منذ السنتين الماضيتين على تنفيذ النهج دون الإقليمي الخاص بجزر المحيط الهادئ، مع التركيز على المجالات التي يمكن أن تحدِث فيها العلوم والتكنولوجيا النووية أكبر تأثير.
وتعترف الأمم المتحدة بالدول الجزرية الصغيرة النامية باعتبارها مجموعة متمايزة من البلدان النامية التي لها تحديات مشتركة. وتواجه الدول الجزرية الصغيرة النامية في منطقة المحيط الهادئ عدداً من العقبات المشتركة التي تعوق التنمية، بما في ذلك قابلية التأثر بتغيُّر المناخ. والمخاطر من قبيل الظواهر الجوية القصوى وتسرُّب مياه البحر إلى طبقات المياه الجوفية، بالإضافة إلى الفترات الطويلة التي يستغرقها نقل البضائع، هي عوامل تفرض تحديات كبيرة ذات صلة بإنتاج الأغذية ومدى توافرها وسلامتها. ويمثِّل التعاون فيما بين بلدان الجنوب آلية تتيح للبلدان العمل معاً من أجل التصدي لتلك التحديات بمزيد من الفعالية.
وقال خافيير روميرو، وهو مسؤول معني بإدارة المشاريع في الوكالة، إن "جزر المحيط الهادئ تقوم، من خلال استخدامها المشترك للمرافق الوطنية مثل المؤسسات البحثية أو الجامعات، ببناء قدرتها على الصمود بوصفها منطقة دون إقليمية".
ومن خلال مشروع بحثي منسق أعدَّه المركز المشترك بين الفاو والوكالة لاستخدام التقنيات النووية في الأغذية والزراعة (المركز المشترك بين الفاو والوكالة)، حسَّن علماء من المعهد الوطني للبحوث الزراعية في بابوا غينيا الجديدة قدراتهم على تحليل الأخطار الكيميائية في المواد الغذائية التي تُستهلك يومياً مثل الحليب، وهو ما يساعد على تحسين سلامة الأغذية في البلد.
ويمكن استخدام التكنولوجيا النووية لاستحداث أصناف جديدة من المحاصيل تكون أكثر قدرةً على تحمُّل الظروف المناخية المتغيرة، وذلك مثلاً عن طريق تعريض البذور للإشعاعات بهدف حث تنوع جيني تلقائي في النباتات. وتُساعد هذه التقنية التي تُعرف باسم "الاستيلاد الطفري" على تعزيز التنوع البيولوجي في البلدان من خلال إنتاج أصناف نباتية جديدة ذات سمات محسَّنة. وحضر باحثون من فانواتو دورة تدريبية إقليمية نظَّمها المركز المشترك بين الفاو والوكالة واكتسبوا خبرات عملية فيما يخص جميع جوانب الاستيلاد الطفري، بدءاً بمرحلة فحص صنف جديد من المحاصيل والتثبت من خصائصه وانتهاءً بمرحلة مراقبة الجودة.
وقالت جوليان كاوه، رئيسة القسم المعني بمحاصيل البستنة المعمرة في إدارة الأمن البيولوجي في فانواتو إن "مساهمة التكنولوجيات الجديدة، مثل التطفير باستخدام أشعة غاما، تحمل إمكانات هائلة للدول الجزرية الصغيرة النامية". وأضافت: "بفضل الدعم الذي تقدِّمه الوكالة، تمكَّنَّا من تطبيق هذه التقنية على البطاطا الحلوة، وتخضع النباتات المشععة حالياً لفحوص في مركز فانواتو التقني للبحوث الزراعية".
وفي عام 2022، عُقدت دورة تدريبية أخرى بشأن تحسين السلالات النباتية لفائدة الدول الجزرية الصغيرة النامية في المركز المعني بالمحاصيل والأشجار في منطقة المحيط الهادئ، وهو مركز تابع لجماعة المحيط الهادئ يقع في فيجي. وحصل مشاركون من فيجي وجزر مارشال وبابوا غينيا الجديدة وساموا وفانواتو على تدريب بشأن التقنيات المستخدمة في مجال الاستيلاد الطفري. وتعلَّموا أيضاً كيفية إجراء فحوص للمحاصيل بحثاً عن علامات الإجهاد الحيوي الذي تسبِّبه كائنات حية مثل الفطريات والبكتيريا والفيروسات والحشرات، وعن علامات الإجهاد اللاحيوي الذي يسبِّبه الجفاف والملح ودرجات الحرارة القصوى، على سبيل المثال.
وتُعتبر السمنة من عوامل الخطر التي قد تؤدي إلى الإصابة بأمراض غير معدية، وهي أمراض باتت تمثِّل السبب الرئيسي للوفيات في معظم بلدان منطقة المحيط الهادئ. وتساعد التقنيات النووية على تقييم تأثير التغيُّرات التي تطرأ على نمط الحياة في تكوين الجسم (الكتلة الخالية من الدهون والكتلة الدهنية). ومن خلال تقديم أنشطة لبناء القدرات وتوفير المعدات، تدعم الوكالة حالياً جامعة فيجي الوطنية لكي تصبح مركزاً دون إقليمي لبرامج التغذية. وفي نيسان/أبريل 2024، حصل مشاركون من بابوا غينيا الجديدة وتونغا وساموا وفيجي على تدريب بشأن استخدام التقنيات النووية في مجال التغذية، وذلك خلال دورة تدريبية عُقدت برعاية الوكالة في جامعة فيجي الوطنية. وأكمل المشاركون تدريباً عملياً تمحور حول استخدام تقنية تخفيف الديوتيريوم النظيرية لإجراء عمليات تقييم ورصد دقيقة بشأن تكوين جسم الإنسان والطاقة الإجمالية التي يستهلكها للاسترشاد بنتائجها خلال مرحلتَي إعداد وتحسين الأنشطة الرامية إلى الوقاية من السمنة والحد من المخاطر الصحية المرتبطة بها.
وتقدِّم المبادرة الرائدة Atoms4Food (تسخير الذرة من أجل الغذاء)، التي أطلقتها الوكالة ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في عام 2023، مساعدة ملموسة إلى البلدان، بما فيها الدول الجزرية الصغيرة النامية، بهدف تعزيز القدرة على الصمود والتصدي للتحديات ذات الأولوية في مجالَي الأمن الغذائي وسلامة الأغذية.
_______________________________________________________________________________