الطريق إلى إنشاء برنامج نووي: المرونة في نهج المعالم المرحلية البارزة الذي وضعته الوكالة
بقلم فولفغانغ بيكو

إن رحلة تطوير برامج القوى النووية مهمة معقدة، وقد برز نهج الوكالة للمعالم المرحلية البارزة كإطار حاسم للبلدان التي تشرع في هذا المسار المعقد. وأثبتت الطبيعة المنظمة لنهج المعالم المرحلية البارزة أن له استخدامات متعددة ولا غنى عنه بالنسبة للعديد من هذه البلدان - بداية من البلدان المستجِّدة مثل غانا وإستونيا إلى الجهات الفاعلة الراسخة التي تسعى إلى التوسع في برامجها أو إلى التخطيط الاستراتيجي.
ونهج الوكالة للمعالم المرحلية البارزة هو أسلوب مرحلي وشامل يرمي إلى مساعدة البلدان على تطوير برامجها للقوى النووية. وهذه الطريقة مفيدة، حيث توفِّر خارطة طريق للبلدان من المراحل الأولى للنظر في الأخذ بالقوى النووية إلى المرحلة التشغيلية، وهي عملية تمتد من 10 إلى 15 عاماً تقريباً.
“ بالنسبة لبلد مستجِّد، فإن تطوير مشروع كبير من هذا النوع للبنية الأساسية يمثل تحديًّا. ويوفِّر نهج المعالم المرحلية البارزة هيكلاً منهجيًّا شاملاً لتطوير هذا المشروع.
ويقدم سيث كوفي ديبرا من هيئة الطاقة الذرية في غانا نظرة ثاقبة حول أهمية نهج المعالم المرحلية البارزة: "يوفر نهج المعالم المرحلية البارزة خارطة طريق عالية المستوى وإرشادات حول كيفية الاستعداد. وبالنسبة لبلد مستجِّد، فإن تطوير مشروع كبير من هذا النوع للبنية الأساسية يمثل تحديًّا. ويوفِّر نهج المعالم المرحلية البارزة هيكلاً منهجيًّا شاملاً لتطوير هذا المشروع".
وقد أنشأت غانا، وهي أحد البلدان التي من المقرر أن تأخذ بالقوى النووية، منظمة غانا لبرنامج القوى النووية لتنسيق الأنشطة التحضيرية. وتتوخى خارطة الطريق التي وضعها البلد ومدتها 15 عاماً، والتي تتمحور حول المراحل الثلاث لنهج الوكالة للمعالم المرحلية البارزة، إضافة 700-1000 ميغاواط (كهربائي) إلى الشبكة الوطنية بحلول عام 2030.
ومن ناحية أخرى، تتطلع إستونيا كذلك إلى الأخذ بالقوى النووية كخيار موثوق ومنخفض الكربون. وتؤكد ريليكا رونيل، منسقة الفريق العامل الإستوني المعني بالطاقة النووية، كيف أعطاهم نهج المعالم المرحلية البارزة نقطة انطلاق: "هو يقدم لمحة عامة عن حجم العمل اللازم لإنشاء برنامج نووي ويشمل جميع المواضيع المتعلقة بالقوى النووية. ويؤكد لمتخذي القرارات على المستوى السياسي بأن بإمكانهم اتخاذ قرارات استناداً إلى تجارب الوكالة والاستفادة من تجارب العديد من الدول الأعضاء".
ومع تطور مشهد الطاقة، تفسح مشاريع القوى النووية التقليدية الواسعة النطاق المجال جزئيًّا للمفاعلات النمطية الصغيرة. وإدراكاً من إستونيا لهذا التحول، فهي تستكشف المفاعلات النمطية الصغيرة نظراً للقيود المفروضة على استيعاب المفاعلات الكبيرة في شبكة الكهرباء الصغيرة نسبيًّا الموجودة لديها. وتقول رونيل: "كما أن نهج المعالم المرحلية البارزة قابل للتطبيق بالكامل على المفاعلات النمطية الصغيرة. وعلى الرغم من أن مفهوم المفاعلات النمطية الصغيرة يختلف عن المفاعلات التقليدية، فإن نفس مجموعة اللوائح قابلة للتطبيق".
ويؤكد سيث كوفي ديبرا هذا الشعور، مشدِّداً على أن نهج المعالم المرحلية البارزة يظل أداة حاسمة بغض النظر عن حجم المفاعل: "سواءً كان المفاعل كبيراً أو صغيراً، ستحتاج إلى الاسترشاد بالمعالم المرحلية البارزة. ويتعين على الحكومة اتخاذ القرارات ووضع القوانين واللوائح اللازمة، وهناك حاجة إلى جهة مشغِّلة لتمويل وتشغيل المفاعل، تماماً كما هو الحال بالنسبة للمفاعلات الأكبر حجماً. وعند توافر جميع هذه العناصر، يظل نهج المعالم المرحلية البارزة أداة مفيدة للبلدان المستجِّدة".
والمفاعلات النمطية الصغيرة هي منشآت نووية، وبالتالي تنطبق عليها بشكل عام القضايا التسع عشرة التي ينطوي عليها نهج المعالم المرحلية البارزة. ومع ذلك فإن النسخة المنقَّحة المرتقبة من المنشور المعنون "المعالم المرحلية البارزة لإنشاء بنية أساسية وطنية للقوى النووية" - المنشور الإرشادي لنهج المعالم المرحلية البارزة - تتناول جوانب البنية الأساسية التي يمكن تنفيذها أو النظر فيها بشكل مختلف في سياق نشر المفاعلات النمطية الصغيرة، حسب الاقتضاء. ويتضمن المنشور مرفقاً منفصلاً يحدِّد الاعتبارات المحدَّدة للبنية الأساسية للمفاعلات النمطية الصغيرة.
كما تختلف المفاعلات النمطية الصغيرة أيضاً عن "شقيقاتها" الأكبر حجماً في أن المفاعلات كانت تُشيَّد وتُشغَّل تقليديًّا في بلد واحد. وعلى النقيض من ذلك، فإن طريقة التشييد النمطي للمفاعلات النمطية الصغيرة تعني أنه يمكن تشييدها في بلد ما وشحنها وتجميعها وتشغيلها في بلد آخر. وهذا يعني أن المتطلبات المنطبقة قد تحتاج إلى أن تصبح جزءاً من نظام أكثر تدويلاً يوجد فيه اتفاق واعتراف متبادل باللوائح بين الجهات المعنية. وفي هذا الصدد، يعمل نهج المعالم المرحلية البارزة بالتضافر مع مبادرة الوكالة للتنسيق والتوحيد في المجال النووي.
وقد ثبت أن نهج المعالم المرحلية البارزة، الذي كان يستهدف في البداية البلدان التي تستهل برامج نووية، له نفس القدر من الأهمية بالنسبة للجهات الفاعلة الراسخة التي تتطلع إلى تحسين قدراتها النووية أو التخطيط لها استراتيجيًّا. وتشير ألين دي كلوازو، مديرة شعبة القوى النووية في الوكالة، إلى دور هذه النهج في تقييم البنية الأساسية النووية: "نلاحظ أنه في أوروبا في الوقت الحالي، تعتزم العديد من البلدان استئناف المشاريع أو توسيع المشاريع الحالية. ويمكن أن تساعد منهجية نهج المعالم المرحلية البارزة في تقييم بنيتها الأساسية النووية الحالية".
وحتى بالنسبة للبلدان التي لديها خبرة في مجال التشغيل النووي، من المفيد عند تشييد مفاعلات جديدة إعادة تقييم مدى نضج القضايا المتعلقة بالبنية الأساسية القائمة لديها في نهاية المرحلة 2 لمعرفة ما إذا كانت بها ثغرات مقارنة بالمستوى الذي أوصت به الوكالة قبل البدء في عملية التشييد. وكلما حُدِّدت ثغرات، يمكن للوكالة أن تدعم البلدان المتوسِّعة في مجالات مثل سلاسل الإمداد وشبكات الطاقة والموارد البشرية والجوانب الأخرى للبنية الأساسية الأوسع نطاقاً.
وتصبح قدرة نهج المعالم المرحلية البارزة على التكيف وتعدُّد استخداماته أكثر أهمية في ضوء التوقعات السنوية للوكالة بشأن القوى النووية، التي تتنبأ بحدوث زيادة كبيرة في القدرة النووية المنشأة تصل إلى 890 غيغاواط بحلول عام 2050، مما يبرز المساهمة المحتملة لهذا القطاع في الوصول بصافي الانبعاثات إلى مستوى الصفر. ومن المتوقع أن يزداد هذا الاتجاه: فقد اجتمع في 2 كانون الأول/ديسمبر 2023 قادة من 22 بلداً يمثلون أربع قارات للإفصاح عن إعلان للنهوض بهدف عالمي طموح يتمثل في مضاعفة القدرة العالمية في مجال الطاقة النووية بمقدار ثلاثة أضعاف بحلول عام 2050. وسيشارك نحو 30 بلداً في أول قمة للقوى النووية على الإطلاق، ستعقد في بروكسل في آذار/مارس 2024، ويشترك في رئاستها المدير العام للوكالة، السيد رافائيل ماريانو غروسي، ورئيس الوزراء البلجيكي، السيد ألكسندر دي كرو، تركِّز على الزخم المتجدد في مجال القوى النووية.
واتسام نهج المعالم المرحلية البارزة بالقدرة على التكيف وتعدد استخداماته يعني أنه سيظل مهماً في تشكيل مستقبل الطاقة النووية ومساهمتها الأساسية في التصدي للتحديات العالمية مثل الحد من استهلاك الوقود الأحفوري وتعزيز أمن الطاقة.