أوفدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية (الوكالة) فرقة عمل مكونة من خبراء، وعملت فرقة العمل هذه على جمع عينات مائية وإجراء فحص دقيق للبيانات التقنية المفصَّلة خلال بعثتها الأولى إلى اليابان هذا الأسبوع من أجل استعراض أمان الخطة التي وضعتها اليابان لتصريف المياه المُعالَجة من محطة فوكوشيما داييتشي للقوى النووية في البحر.
وكانت فرقة العمل التابعة للوكالة، التي أنشأها المدير العام السيد رافائيل ماريانو غروسي السنة الماضية، قد أحرزت تقدُّماً في استعراضها المستقل بفضل حصولها على معلومات أكثر خلال البعثة التي أجريت في الفترة 14-18 شباط/فبرايرعن عملية تصريف المياه التي تخطط لها اليابان. وشمل ذلك إجراء مناقشات علمية متعمِّقة وزيارة للموقع الذي حصل فيه الحادث عام 2011 حيث أجريت اختبارات لعينات المياه.
ولاحظت فرقة العمل في كلٍّ من طوكيو وفوكوشيما التزاماً بالأمان من جانب اليابان فيما يتعلق بأعمالها التحضيرية لتصريف المياه التي ظلت مخزنة في الموقع منذ أن تعرَّضت المحطة إلى زلزال قوي أعقبه تسونامي هائل قبل 11 عاماً مضت، ويعدُّ هذا الأمر مهمَّة معقّدة من المتوقع أن تستمر لعقود من الزمن.
وما فتئ خبراء الوكالة يجمعون المعلومات ويسعون للحصول على التوضيحات اللازمة لكي يتمكنوا من الخلوص إلى استنتاج مفاده أن خطة تصريف المياه تتسق مع معايير الأمان الدولية.
وركّزت بعثة هذا الأسبوع على المسائل التقنية المتعلقة بأدوار ومسؤوليات الجهة المشغلة أي شركة طوكيو للطاقة الكهربائية (شركة تيبكو)، ووزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة فيما يتصل بعملية تصريف المياه. وستجري فرقة العمل التابعة للوكالة بعثة منفصلة مع اقتراب نهاية شهر آذار/مارس من أجل إجراء مناقشات بشأن الجوانب الرقابية مع الهيئة الرقابية النووية في اليابان.
وفي نيسان/أبريل 2021، أعلنت حكومة اليابان عن سياستها الأساسية بخصوص التخلص بشكل تدريجي من أكثر من 1.25 مليون متر مكعب من المياه المعالَجة وتصريفها في البحر، رهناً بموافقة هيئتها الرقابية المستقلة. وطلبت من الوكالة تقديم المساعدة من أجل المساعدة على ضمان تنفيذ عملية التصريف بشكل مأمون وشفاف. ووافق المدير العام السيد غروسي على ذلك وقال إنّ الوكالة ستجري عملية الاستعراض قبل بدء عملية التصريف واثناءها وبعدها وإنَّ مشاركة الوكالةِ الفعالةَ لن تساعد في ضمان الامتثال لمعايير الأمان فحسب بل من شأنها أيضاً بناء ثقة الجمهور في اليابان وفي المنطقة.
وخلال مؤتمر صحفي افتراضي، قالت نائبة المدير العام ورئيسة إدارة الأمان والأمن النوويين في الوكالة، السيدة ليدي إيفرار"مكّنت البعثة فرقة العمل من اكتساب فهم أفضل بشأن خطط اليابان وأنشطتها المتعلقة بعملية تصريف المياه". وأضافت السيدة إيفرار التي تضطلع بمهمة الإشراف العام على عملية الاستعراض والتي التحقت بالفرقة في طوكيو قائلة: "إنَّ هذه خطوة كبيرة إلى الأمام في عمل فرقة العمل الذي يهدف إلى تقييم مدى امتثال خطط اليابان لمعايير الأمان الصادرة عن الوكالة التي تُسهِم في بلوغ مستويات عالية من الأمان في جميع أنحاء العالم."
وأضافت قائلة إنّ الوكالة ستُصدر تقريراً بشأن بعثة هذا الأسبوع في غضون شهرين تقريباً يتضمن مزيداً من التفاصيل حول المسائل التقنية المحددة التي جرت مناقشتها. وإنَّ الوكالة ستوفد أيضاً بعثات متابعة إلى اليابان هذا العام والعام المقبل، وقبل بدء عملية تصريف المياه، سوف يُنشَر تقريرٌ شامل يتضمن الاستنتاجات في هذا الصدد.
وقال المدير العام السيد غروسي "بصفتنا منظمة علمية وتقنية، فإنّنا سنُجري استعراضاتنا ونعِدُّ تقاريرنا بشكل شفاف ومستقل تماماً. وسيكون العالم بأسره على اطلاع بما يحدث في جميع الأوقات."
مياه مُعالَجَة ومُخزَّنَة
تخضَعُ المياه المعالَجة المتأتية من محطة فوكوشيما داييتشي للقوى النووية، والمستخدمةُ جزئياً لتبريد الوقود النووي المصهور، إلى معالجة وتنقية من خلال عملية تتم داخل نظام يعرف بالنظام المتقدم لمعالجة السوائل، ومن ثم يجري تخزينها في قرابة 1000 صهريج في الموقع. وإدارة المياهِ بطريقة مستدامة أمرٌ رئيسيٌ لمواصلة إحراز تقدم في إخراج المحطة من الخدمة، بما أنّ الصهاريج التي يُحتفظ فيها بالمياه تستأثر بمساحة كبيرة من الموقع الساحلي وشارفت على بلوغ حدها الأقصى من حيث سعة التخزين.
وتَعتزِمُ اليابانُ، التي يُتوقّع أن تَستهِلَّ العمليةَ بعد انقضاء سنتين من تاريخ إعلانها عن سياستها الأساسية، تصريفَ مياه تحتوي على مستوياتٍ من التريتيوم – وهي النويدة المشعة الوحيدة التي لا يمكن إزالتها من خلال هذه المعالَجة – أدنى بكثير من المستويات التي تسمح بها الهيئة الرقابية الوطنية ومن المستويات المحددة في معايير منظمة الصحة العالمية المتعلقة بمياه الشرب. وستُزوّدُ فرقة العمل التابعة للوكالة المعنية بالاستعراضِ الجمهورَ في اليابان وخارجها، بمعلومات علمية وموضوعية حول عملية التصريف.
وبغية التأكيد على حيادية وشفافية الاستعراض الذي تجريه الوكالة، تتألف فرقة العمل التي أنشئت حديثاً من موظفين من الإدارات والمختبرات التابعة للوكالة، وكذلك من أحد عشر خبيراً من الخبراء المستقلين والمعترف بهم دولياً من ذوي الكفاءات التقنية المتنوعة، من الاتحاد الروسي، والأرجنتين، وأستراليا، وجزر مارشال، وجمهورية كوريا، والصين، وفرنسا، وفييت نام، وكندا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية.
وقبل إجرائهم البعثة الأولى في اليابان، فحص خبراء فرقة العمل الوثائق ذات الصلة بالأمان التي قدَّمها لهم نظراؤهم في اليابان، بما في ذلك خطةَ التنفيذ المتعلقة بتصريف المياه وتقييمَ الآثار الإشعاعية والبيئية الذي أجرته شركة تيبكو. وطرح الخبراء أسئلة متابعة مفصَّلة خلال الاجتماعات التي عقدت هذا الأسبوع مع مسؤولين من شركة تيبكو ووزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة.
وقال السيد غوستافو كاروزو، وهو مدير في إدارة الأمان والأمن النوويين في الوكالة ورئيس فرقة العمل "لقد كانت البعثة التي أجرتها فرقة العمل مثمرة للغاية. وقد تلقينا معلومات قيمة – وطرحنا العديد من الأسئلة – حول جميع جوانب الأمان المتعلقة بعملية تصريف المياه المخطط لها وذلك في إطار مناقشات صريحة ومفتوحة، تعلقت بمسائل تراوحت من النفق تحت سطح البحر الذي ستُصرَّف من خلاله المياه إلى البحر إلى وقايةِ العاملين في الموقع والجمهور ككل.
تحليل المياه بشكل مستقل
بغية التحقق بشكل مستقل من مستويات النشاط الإشعاعي في المياه المُعالَجة المخزَّنة في الصهاريج وكذلك من مستويات النشاط الإشعاعي في مياه المحيط، ستجمع الوكالة عينات من المياه لتحليلها في مختبراتها في النمسا وموناكو.
وفي إطار الاستعداد لهذا الجزء الهام من أعمال الاستعراض والرصد التي تجريها الوكالة، راقب أعضاء فرقة العمل، يوم الثلاثاء، عملية أخذ العينات من المياه المُعالَجة الموجودة في الصهاريج التي اضطلعت بها شركة تيبكو، وستعمل مختبرات الوكالة، بشكل منفصل، على تحليل قرابة 50 لتراً من هذه العينات. ومن شأن ذلك أن يُقدِّم معلومات مفيدة بما أن هذه المختبرات تُواصِل استحداث أساليب علمية تُستخدَمُ لأغراض تأكيد نتائج قياسات النشاط الإشعاعي التي ستُبلِغُ بها اليابان طوال فترة عملية التصريف.
ورحبت الوكالة أيضاً باعتزام اليابان تعزيز الرصد البيئي من أجل جمع بيانات إضافية خاصة بتصريف المياه المُعالَجة، وهي بيانات ستُقدَّمُ إلى الوكالة لأغراض التأكد منها في المستقبل.
وبموجب الاختصاصات المتَّفق عليها مع اليابان، ستنظر الوكالة في عناصر الأمان الرئيسية لخطة التصريف التي وضعتها اليابان، بما في ذلك:
- تحديد الخصائص الإشعاعية للمياه التي سيجري تصريفها.
- الجوانب المتعلقة بالأمان فيما يخص عملية تصريف المياه.
- الرصد البيئي المرتبط بعملية التصريف.
- تقييم الآثار البيئية والإشعاعية فيما يتعلق بضمان حماية الناس والبيئة.
- التحكم الرقابي بما في ذلك فيما يتعلق بإصدار الأذون والتفتيش والتقييم.
وما فتئت الوكالة واليابان تتعاونان بشكل مكثف خلال العقد الماضي للتصدي لآثار حادث فوكوشيما داييتشي، في مجالات مثل الرصد الإشعاعي، والاستصلاح، والأمان النووي، والتصرف في النفايات، والإخراج من الخدمة. وتستند استعراضات الأمان التي تجريها الوكالة، إلى معايير الأمان الصادرة عن الوكالة، التي تشكل المرجع العالمي لحماية الجمهور والبيئة من التأثيرات الضارة التي تنجم عن الإشعاعات المؤيِّنة.
وبغية دعم الهدف الهام المتمثل في ضمان الشفافية، أنشأت الوكالة صفحة شبكية ستتضمن معلومات هامة وتحديثات فيما يتعلق بالاستعراض الذي تجريه الوكالة بشأن عملية تصريف المياه. وبمرور الوقت ومع تقدُّم الاستعراض الذي تجريه الوكالة، ستضاف إلى الصفحة الشبكية محتويات إضافية.
وقال المدير العام السيد غروسي "بفضل وجودنا، بوسع الناس في كل مكان أن يكونوا على ثقة تامة من أنَّ عملية تصريف المياه تجري دون إلحاق أضرار بالصحة العامة أو البيئة".