يمكن للأمراض الحيوانية وآفات المحاصيل أن تؤثر بشدة على الإمدادات الغذائية والاقتصادات. ويمكن أن تؤدي إدارة هذه المشاكل إلى ممارسات زراعية تنطوي على استخدام المواد الكيميائية، مما قد يؤدي إلى مشكلة أخرى تتمثل في المستويات غير المأمونة من المخلفات الكيميائية ووجود ملوِّثات في الأغذية. ولمساعدة البلدان على تعزيز سلامة الأغذية والتقيد بالمتطلبات الصارمة لضوابط الاستيراد والتصدير، انتهت الوكالة ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) مؤخراً من مشروع إقليمي في آسيا والمحيط الهادئ يضم مختبرات في 14 بلداً للمساعدة في إنشاء أو تحسين قدراتها على اختبار سلامة الأغذية.
ومنذ بدء هذا المشروع في عام 2016، دُرِّب أكثر من 200 خبير في مجال سلامة الأغذية من البلدان المشارِكة على استخدام التقنيات النووية لتحليل المخلفات وملوِّثات الأغذية، وإجراء عمليات توكيد ومراقبة الجودة، وصيانة المعدات. كما شاركوا في الاجتماعات العلمية ومخططات اختبار الكفاءة بين المختبرات، والتدريب الجماعي على الأساليب التحليلية، وإدارة جودة المختبرات، وصيانة المعدات واستكشاف المشاكل وحلها.
وقالت مو ثين، رئيسة مختبر الفحص البيطري في ميانمار، التي شاركت في المشروع: "اعتدنا على الاستعانة بمختبرات في الخارج لإجراء معظم تحليلاتنا". وأضافت: "أما الآن فلدينا الموارد اللازمة لإجرائها بأنفسنا". ولدى مختبر الفحص البيطري الآن القدرة على فحص الأغذية والأعلاف الحيوانية بحثاً عن وجود مخلفات العقاقير البيطرية والسموم الفطرية - وهي مواد سامة تنتجها الفطريات أو العفن - نتيجة للتدريب على إجراء اختبارات سلامة الأغذية والمعدات الجديدة لفحص المستقبلات الإشعاعية وغيرها من المواد المختبرية التي اُشتريت من خلال البرنامج المشترك بين الفاو والوكالة. وتستخدم المعدات نظائر مشعة، مثل الكربون-14 أو التريتيوم، كمقتفيات لتحديد وجود أو عدم وجود مخلفات أو سموم فطرية. وقالت ثين: "تتسم تقنيات الفحص، مثل فحوص مستقبِلات الإشعاعات، بطريقة اختبار موثوقة تعمل على تحسين تقديم الخدمة عن طريق خفض تكاليف الاختبارات الخارجية وفترة إنجاز التحليل".
ويمكن الآن لإدارة الغذاء والدواء الأردنية، وهي مؤسسة مكلَّفة باختبار سلامة الأغذية الوطنية، اختبار 30 نوعاً مختلفاً من مخلفات مضادات الميكروبات، مثل المضادات الحيوية، في المنتجات الزراعية المستوردة والمنتجة محليًّا، ولديها خبراء مدرَّبون على الأساليب التحليلية، وإدارة مراقبة الجودة، والمشاركة في مخططات اختبار الكفاءة. وقال جيمس ساسانيا، أخصائي سلامة الأغذية في المركز المشترك بين الفاو والوكالة لاستخدام التقنيات النووية في الأغذية والزراعة: "يمكن أن يساعد ذلك في حماية المستهلكين وتحسين الدخل والوقاية من مسألة مقاومة مضادات الميكروبات، وهي واحدة من أكبر عشرة تهديدات عالمية للصحة العامة على النحو الذي حدَّدته منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية لصحة الحيوان والفاو".
وفي بابوا غينيا الجديدة، أصبح لدى المعهد الوطني للبحوث الزراعية الآن القدرة على فحص وقياس مخلفات العقاقير في المنتجات الحيوانية "اليومية"، مثل الحليب، وذلك بفضل أداة الاستشراب الفائقة الأداء ونظام فحوص مستقبلات الإشعاعات للكشف عن المخاطر الكيميائية في الأغذية. وقال موريس أورومو، مدير المختبر التابع للمعهد الوطني للبحوث الزراعية في بابوا غينيا الجديدة:" لقد استفدنا من تدريب موظفينا التقنيين، الذين يجرون الآن بكل ثقة الاختبارات الجديدة لسلامة الأغذية". ويساهم فحص المخاطر في زيادة ثقة الجمهور في المنتجات الغذائية ويقلل من المخاطر الصحية، على سبيل المثال فقر الدم اللاتنسجي المرتبط بمضادات الميكروبات، مثل الكلورامفينيكول.
وفي الجمهورية العربية السورية، يُطبِّق قسم الزراعة التابع لهيئة الطاقة الذرية معارف جديدة تتعلق بسلامة الأغذية لتحديد محفزات النمو المستخدمة مع الحيوانات لزيادة إنتاج اللحوم التي يحظرها بعض الشركاء التجاريين الدوليين، مثل الاتحاد الأوروبي. ويحتاج المستوردون إلى ضمانات من البلدان المصدِّرة بأن الأغذية التي يتلقونها تفي بمتطلبات السلامة، وتتمثل إحدى طرق التحقق من هذه الممارسة في إثبات وجود برامج اختبار منهجية موثوقة وقابلة للتحقق للمخاطر الكيميائية.
ومن خلال التدريب والمساعدة اللذين تقدِّمهما كل من الوكالة والفاو لشراء معدات المختبرات والكواشف، حسَّنت 10 بلدان - إندونيسيا وباكستان وبنغلاديش وتايلند وسري لانكا وسنغافورة والفلبين ولبنان وماليزيا ومنغوليا - برامجها الوطنية للاختبار عن طريق توسيع نطاق اختباراتها الروتينية لتشمل المزيد من المنتجات الغذائية أو عن طريق زيادة نطاق مخلفات العقاقير أو الملوِّثات التي تختبرها.
كما شارك خبراء من جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية والصين وعُمان وفييت نام في بعض الدورات التدريبية والاجتماعات الخاصة بهذا المشروع، حيث تعرَّفوا على أحدث النُهُج والتقنيات في مجال سلامة الأغذية. وطوال فترة المشروع، تقاسم المشاركون منهجيات إجراءات العمل النمطية أو عمليات اختبار المخلفات والملوِّثات، لتنسيق الاختبارات الروتينية بين البلدان المشاركة.
وقال جيرالد سيريلو رييس، مسؤول إدارة البرامج في إدارة التعاون التقني بالوكالة: "إن الجمع بين المؤسسات ذات القدرات والإمكانات المختلفة من أجل العمل معاً في إطار هذا المشروع الإقليمي قد يسَّر تبادل الخبرات والممارسات الجيدة". وأضاف: "بفضل هذه القدرات، يمكن للمؤسسات في المنطقة الآن تحليل أكثر من 10000 عينة غذائية سنويًّا بشكل موثوق".
ومن خلال هذا المشروع، قُدِّمَت المساعدة إلى مختبرات أخرى في إندونيسيا وباكستان وتايلند وسري لانكا وفييت نام وماليزيا ومنغوليا للحصول على شهادة المعيار الدولي ISO/IEC 17025:2017 بشأن المتطلبات العامة لكفاءة أداء الاختبارات والمعايرة أو تجديد هذه الشهادة. ولأنَّ هذه الشهادة من المنظمة الدولية لتوحيد المقاييس تمثل تقييماً دقيقاً ومنتظماً لخدمات المختبرات ومعاييرها، فهي تفتح مسارات التجارة الدولية.
وسيواصل كل من الوكالة والفاو دعم بلدان هذه المنطقة من خلال مشروع متابعة للتعاون التقني لتوسيع نطاق الاختبارات بحيث يتجاوز المنتجات ذات الأصل الحيواني ويشمل المنتجات النباتية، بما في ذلك الفواكه والخضروات والحبوب، لزيادة تعزيز سلامة الأغذية في آسيا والمحيط الهادئ.
اقرأ المزيد عن عمل الوكالة والفاو لضمان سلامة الأغذية وجودتها.