خلال نصف القرن المنصرم تصاعدت نسبة انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن الوقود الأحفوري وباتت تشكل اليوم أكثر من ثلثي جميع انبعاثات غازات الدفيئة. لذلك، يُسلَّط الضوء اليوم على مصادر الطاقة النظيفة كالطاقة النووية، فمثل هذه المصادر تساعد على تحقيق أهداف تغير المناخ والحدّ من تلوّث الهواء لحماية صحّة الإنسان.
ما هو أكبر الأخطار البيئية التي تهدّد صحة الإنسان وأحد الأسباب الرئيسية للوفيات والأمراض التي يمكن الوقاية منها على مستوى العالم؟ الجواب هو تلوّث الهواء. فوفقاً لمنظمة الصحة العالمية يفتك تلوّث الهواء بحياة الملايين سنوياً في جميع أنحاء العالم. وتحدث أكثر من ٩٠ بالمئة من الوفيات المرتبطة بتلوّث الهواء في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، لا سيما في آسيا وإفريقيا، تليها البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط في منطقة شرق البحر المتوسط وأوروبا والأميركيتين. ووفقاً للمنظمة نفسها، فإنَّ ١٠٠ بالمئة من الأطفال في إفريقيا ومنطقة شرق البحر المتوسط يستنشقون هواء ذا نسبة تلوّث تتجاوز حدود المبادئ التوجيهية لنوعية الهواء الصادرة عن منظمة الصحة العالمية.
وثمة صلة وثيقة بين تغيُّر المناخ وتلوّث الهواء. فانبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن استخراج الوقود الأحفوري وحرقه تمثل أحد ملوِّثات الهواء الرئيسية، بالإضافة إلى كونها أحد أسباب تغير المناخ.
ونواجه اليوم مشكلة ذات شقيّن. الشقّ الأول هو أن لتلوّث الهواء تأثيراً كبيراً على الصحة بسبب تغلغل جزيئات صغيرة غير مرئية من الملوّثات إلى الرئتين ومجرى الدم والخلايا. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، هذه الملوّثات هي المتسبب الأول بقرابة ثلث الوفيات الناجمة عن السكتة الدماغية وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة وسرطان الرئة، فضلاً عن ربع الوفيات الناجمة عن النوبات القلبية.
أما الشق الثاني هو أن تلوّث الهواء يؤثر أيضاً على المناخ. فالملوّثات البيئية قصيرة الأجل هي من الملوّثات الأكثر ارتباطاً بالآثار الصحية الضّارة وارتفاع درجة حرارة الكوكب على المدى القريب في آنٍ معاً. وتشمل هذه الملوّثات التي تؤثر بشكل كبير على المناخ الميثان، والكربون الأسود، والأوزون على المستوى الأرضي، وهباء الكبريت. ويُعدُّ الكربون الأسود والميثان خصوصاً السببين الرئيسيّن للاحتباس الحراري بعدَ ثاني أكسيد الكربون.