يمكن أن يتطلع الإندونيسيون إلى استنشاق هواء أنظف عقب إدخال تغييرات مقبلة في اللوائح نتيجة دراسة أُجرِيت باستخدام التقنيات التحليلية النووية. ويجري الآن، لأول مرة، رصد التلوث بالرصاص وغيره من المواد الجسيمية الدقيقة في الهواء، مما يوفر للمسؤولين الإندونيسيين فهماً جيداً لمشكلة تلوث الهواء لديهم وكيفية إدارتها.
تقول موياهاتون سانتوزو، كبيرة الباحثين بالوكالة الوطنية للطاقة النووية في إندونيسيا: "إن هذه خطوة عظيمة بالنسبة لنا." "ونتطلع إلى وضع لوائح بيئية معززة قبل شروع البلد في مشاريع رئيسية لتطوير الطاقة."
ولم تكن هذه هي الحالة دائماً. ففي عام ٢٠٠٦، أطلقت إندونيسيا مشروعاً لتحسين جودة هواء المدن، بهدف توفير هواء نظيف وصحي للمدن في إندونيسيا عام ٢٠٢٠. وأدخل البلد نظاماً للرصد باستخدام تقنيات تقليدية متنوعة، بما في ذلك نظم لإدارة جودة الهواء في عشر مدن وأدوات سلبية لجمع العينات في ٣٣ إقليماً.
وتضيف سانتوزو: "بسبب الموارد المحدودة، لم يمكن تشغيل نظم إدارة جودة الهواء بفعالية في جميع المدن العشر - فصيانة النظام تكلف الكثير من المال." "والنظام نفسه كانت به قيود أيضاً، ولا يمكنه رصد مادة جسيمية أصغر من ٢.٥ ميكرومتر، بمعنى أنه لم يكن يكتشف مجموعة من ملوثات الهواء المحتمل أن تكون ضارة. واحتجنا إلى تحسين النظام وتجربة شئ مختلف."
تجربة شئ جديد
كانت تجربة شئ مختلف تعني العمل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإدراج التقنيات التحليلية النووية في مشروع رصد جودة الهواء. ويمكن أن ينتج عن التحليل بالتنشيط النيوتروني والتحليل بتألق الأشعة السينية والتحليل بحزم الأيونات مجموعات ضخمة من البيانات الفريدة حول تكوينات عناصر المواد الجسيمية العالقة في الهواء – وهي معلومات أساسية في تحديد المصادر المحتملة لتلوث الهواء.
تقول سانتوزو: "إن التلوث بالرصاص الناجم عن مصادر بشرية هو أساساً مادة جسيمية دقيقة – أقل من ٢.٥ ميكرومتر – واكتشاف هذه المصادر يمكن أن يكون صعباً." وباستخدام تحليل انبعاث الأشعة السينية المستحث بالبروتونات والمعرفة التي تم الحصول عليها من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، استطاع فريق البحث التابع للوكالة الوطنية للطاقة النووية اقتفاء سبب ومصدر التلوث بالرصاص في مختلف المناطق، بما في ذلك في سيربونغ، قرب جاكرتا. وتضيف: "استطعنا ربط نسبة عالية من التلوث بمركز لإعادة تدوير بطاريات الرصاص ومرفق لإنتاجها."
تقول سانتوزو إن نتائج المشروع استُخدِمت للمساعدة في حملة لإنفاذ القانون على الملوثين غير القانونيين وتوعية الجمهور حول أخطار التلوث بالرصاص.
وبالتعاون مع المدن المحلية ووكالات حماية البيئة بالأقاليم ووزارة البيئة في إندونيسيا، وسّعت الوكالة الوطنية للطاقة النووية مدى الرصد إلى ما وراء جاوة. وتضيف: "لقد قطعنا خطوة كبيرة في توسيع أماكن أخذ العينات من موقع واحد في باندونغ، إلى ١٦ مدينة تغطي أكبر جزرنا."
التزام واعد
إن نتائج رصد الهواء تشجع التغيير على المستوى التشريعي. وقد أدت نواتج دراسة التلوث بالرصاص إلى إجراء تنقيحات للقانون الإندونيسي بشأن التحكم في تلوث الهواء – مما خفض الحد الأدنى لتركيزات الرصاص المقبولة في الهواء المحيط. تقول سانتوزو: "أظهرت هذه المساهمة تحسناً واعداً في التزام وسياسة واستراتيجية الحكومة لمكافحة تلوث الهواء على النطاق الوطني." وتضيف أن المشروع يسير نحو مزيد من التوسع، وذلك باستخدام تقنيات أكثر في المزيد من المواقع. "وفي السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، سنكون قد غطينا ٣٤ مدينة، وسنحقق هدفنا المتمثل في رصد عواصم جميع أقاليم إندونيسيا."
رصد التطوررصد التطور
تشهد إندونيسيا تطوراً سريعاً ولديها خطط لبناء أكثر من ٣٠ من محطات القوى في جاوة وبالي، بما في ذلك محطة تعمل بالفحم بقدرة ٠٠٠ ١٠ ميغاواط. وتوضح سانتوزو أن هذه المحطات ستساهم في تلويث البيئة، مما يحتاج إلى مزيد من الرصد. وتقول إن دراسات تحديد الخصائص التحليلية الجديدة بشأن تلقيم الفحم ونواتج احتراقه وتأثيرها على البيئة ستحتاج إلى متابعة من مشروع رصد تلوث الهواء.
ويعتمد تقييم الأثر البيئي والفسيولوجي للعناصر السامة على مستويات التعرض وكمياته ونوعيته الكيميائية. وتضيف: "إن إجراء تحاليل للعناصر وللحالة الكيميائية للزرنيخ والزئبق والكادميوم والنيكل والكروم والرصاص – وهي عناصر نزرة سامة مرتبطة بحرق الفحم – أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا، ولكن تلك العناصر هي للأسف دون حدود الكشف عن فلورة الأشعة السينية المشتتة للطاقة وانبعاث الأشعة السينية المستحث بالجسيمات، وهي التكنولوجيات النووية التي نستخدمها."
.في السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، سنكون قد غطينا ٣٤ مدينة، وسنحقق هدفنا المتمثل في رصد عواصم جميع أقاليم إندونيسيا