تُعدّ مومياء رمسيس الثاني من مصر، والجدران الأيقونية في الكنائس الأرثوذكسية من رومانيا والتماثيل البرونزية القديمة من كرواتيا من أنواع القطع التراثية الثقافية التي رُمِّمت باستخدام التكنولوجيا الإشعاعية.
ويسلِّط منشور جديد أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعنوان استخدامات الإشعاعات المؤيِّنة للحفاظ على التراث الثقافي المادي، الضوء على تطبيق التكنولوجيا الإشعاعية بغرض تطهير القطع الأثرية الثقافية وترميمها، ويُقدّم المشورة والنُّصح لتقنيي الأشعة الذين يعتزمون التعاون مع أمناء المتاحف الفنية، المسؤولين عن الترميم، والمؤرّخين، وعلماء الآثار حول استخدام هذه التكنولوجيا المتقدمة.
وأكّد السيد سونيل سابهاروال، وهو أخصائي في المعالجة الإشعاعية في الوكالة ومسؤول عن المنشور، على إمكانية استخدام التكنولوجيا الإشعاعية لترميم القطع الأثرية والحفاظ عليها لصالح الأجيال القادمة دون التسبّب في أيّ ضرر يُذكر.
وقال سابهاروال: "عادةً ما استُعملت أساليب كيميائية وفيزيائية لمعالجة المصنوعات التراثية الثقافية وترميمها، إلاّ أنّ لهذه الأساليب سلبيات وقيوداً". فقد تترك الأساليب الكيميائية بعض المواد غير المرغوب فيها داخل القطع أو فوقها، ومن الممكن أن تضرَّ فيما بعد المسؤولين عن الترميم أو البيئة، في حين قد تضرّ الأساليب الفيزيائية بالقطعة نفسها.
وفي المقابل، لا يترك العلاج الإشعاعي أيّ أثر في القطعة المعالَجة ولا يسبّب لها أيّ ضرر. كما لا يجعل من القطعة الأثرية مادّة مشعّة.
ويحتوي المنشور على مقدّمة شاملة حول تكنولوجيا المعالجة الإشعاعية بهدف ترميم التراث الثقافي والمحافظة عليه، بما في ذلك نبذة عن التقنيات الإشعاعية الأكثر استخداماً على نطاق واسع، والآثار التي تتركها على المواد، فضلاً عن تجارب لحفظ التراث الثقافي باستخدام التكنولوجيا الإشعاعية في العديد من البلدان، منها البرازيل، وتونس، ورومانيا، وفرنسا، وكرواتيا.
ويُعتبر التشعيع البانورمي بأشعة غاما أحد هذه الأساليب التي يصفها المنشور، وهو من أكثر التقنيات استخداماً لأغراض التعقيم وللقضاء على الملوّثات الحشرية والمكروبية. ويستعمل هذا الأسلوب مصدراً مشعًّا للحثّ على حدوث تغييرات كيميائية في الحمض النووي لهذه الكائنات الحية وتعطيلها دون التسبّب في تغيّرات فيزيائية أو كيميائية للقِطع ذاتها.