تدعم الوكالة البلدان لتحسين فهمها للمحيطات من خلال إنشاء الشبكات التي تجمع بين خبراء البيئة البحرية، وتيسير تبادل المعارف الإقليمية، وتوحيد إجراءات العمل التحليلية والميدانية. ويكتسي هذا الدعم أهمية خاصة بالنسبة للمنطقة العربية، حيث يُشكِّل التلوث والتوسع الحضري وتغير المناخ ضغوطاً متزايدة على البيئات الساحلية والبحرية. ولذا يعد تبادل الخبرات والبيانات عاملاً رئيسياً في رسم سياسات بيئية قائمة على المعلومات ومستندة إلى أساس علمي.
الوكالة تساعد البلدان على توحيد النهج المتبعة في رصد المحيطات
الوكالة تطلق مشروعاً جديداً للتعاون التقني بمشاركة علماء من 45 بلداً يعملون معاً على توحيد عمليات جمع البيانات العلمية عن المحيطات. (الصورة من: فيليب بيرسودر/الوكالة)
رصد الصحة البحرية
في إطار مشروع عالمي أطلقته الوكالة حديثاً، تواصل تايلند تحسين جهودها الوطنية لرصد التلوث البحري. وأوضح السيد يوتانا تومنوي، من مكتب تسخير الذرة من أجل السلام في تايلند، قائلاً: "[هذا] المشروع الجديد الذي أطلقته الوكالة بشأن صحة المحيطات وفَّر لتايلند فرصة عظيمة لزيادة تعزيز قدراتها التقنية من أجل رصد الملوثات البحرية المتنوعة بفعالية أكبر باستخدام النُّهُج النووية والنظيرية وغيرها من التقنيات المتقدمة وفي إطار بروتوكولات موحدة. وعزز المشروع الربط بين الخبراء المحليين من عدة مؤسسات مسؤولة عن دراسة الملوثات البحرية، لإنتاج بيانات عالية الجودة تُستخدم في وضع سياسة وطنية شاملة لإدارة البيئات البحرية والساحلية."
وقد أُطلق هذا المشروع الجديد في عام 2024 بهدف الاستفادة من العلوم النووية للتوصل إلى فهم أكثر شمولاً بشأن صحة المحيطات. ويدعم المشروع المتعدد الجوانب اتخاذ القرارات بالاستناد إلى الأدلة من خلال بناء القدرات على أخذ العينات وتحليلها وتفسيرها فيما يتعلق بتحمُّض المحيطات وملوثات المحيطات، بما في ذلك السموم الحيوية والزئبق والتلوث الإشعاعي والهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات والانسكابات النفطية. ويشمل المشروع أيضاً تدريب العلماء على تقييم "الكربون الأزرق"، أي الكربون المختزن في النظم الإيكولوجية الساحلية. ويُعدُّ توافر البيانات الدقيقة والقابلة للمقارنة أمراً بالغ الأهمية حتى تتمكن البلدان من إنشاء برامج راسخة لرصد صحة المحيطات. وتعمل الوكالة، من خلال مختبراتها المعنية بالبيئة البحرية، على ضمان حصول البلدان على المعارف والأدوات اللازمة لإنتاج معلومات قيِّمة عن صحة المحيطات. ومن خلال سلسلة من حلقات العمل وأنشطة بناء القدرات التي ينظمها برنامج الوكالة للتعاون التقني، بدأ بالفعل خبراء من جميع أنحاء العالم مناقشة توحيد إجراءات جمع البيانات واستراتيجيات أخذ العينات، بهدف توفير مجموعة كبيرة من بيانات المحيطات القابلة للمقارنة لأغراض التحليلات.
وقالت السيدة بترا سلامة، مسؤولة إدارة البرامج بالوكالة: "لقد لمسنا فوائد اتباع نهج تعاوني ودولي في مجال رصد المحيطات. وعلينا أن نتذكر أنَّ المحيط مورد طبيعي مشترك، وأنَّ البيانات التي يجمعها بلد أو منطقة ما يمكن أن تُزوِّد الآخرين برؤية ثاقبة عن التحديات الناشئة. ويأمل مشروع الوكالة العالمي الجديد للتعاون التقني في الاستفادة من ذلك من خلال توسيع نطاق الجهود السابقة التي بذلتها الوكالة لرصد المحيطات وتيسير المزيد من التعاون الدولي."
وفي مؤتمر الأمم المتحدة المعني بشؤون المحيطات الذي عُقد مؤخراً، أقر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات تهدف إلى "تحويل الدفة" نحو الحفاظ على المحيطات. ورغم تزايد القلق بشأن صحة المحيطات، فإن الافتقار إلى بيانات علمية دقيقة عن تدهور المحيطات يحول دون اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المسائل المتعلقة بالمحيطات. وبفضل الدعم المقدم من أنشطة البحث والتطوير التي تضطلع بها الوكالة وبرنامج الوكالة للتعاون التقني، تعمل البلدان في جميع أنحاء العالم على رأب هذه الفجوة من خلال بناء الخبرات في مجال رصد المحيطات. وبداية من تتبُّع المؤشرات الرئيسية لصحة المحيطات، مثل الملوثات البحرية وتكاثر الطحالب الضارة وتحمُّض المحيطات، ووصولاً إلى إجراء البحوث عن الكربون الأزرق، تساعد البيانات الجديدة على تحسين إدارة النظم الإيكولوجية.
وفي الكويت، على سبيل المثال، أطلقت الوكالة ومعهد الكويت للأبحاث العلمية مشروعاً مشتركاً بشأن صحة المحيطات في عام 2023 بهدف تعزيز قدرات الرصد البحري في الكويت. وباستخدام التقنيات النووية والنظيرية على متن سفينة البحوث "المستكشف"، يدرس العلماء تحمُّض المحيطات والتلوث البحري، بما في ذلك النويدات المشعة والمواد البلاستيكية الدقيقة وغيرها من عوامل الإجهاد البيئي في منطقة الخليج. ويساعد المشروع على إنتاج البيانات العلمية الأساسية ويدعم الجهود الإقليمية الرامية إلى تحسين فهم وإدارة النظم الإيكولوجية الساحلية والبحرية.
دراسة تخزين الكربون العضوي في النظم الإيكولوجية للأراضي الرطبة
بعد أن يكتسب العلماء الخبرة اللازمة في الاستعانة بالتقنيات النووية والنظيرية، يتمكنون من إنتاج بيانات قيِّمة يمكن استخدامها في تحسين إدارة الأراضي الرطبة. وفي منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وفر برنامج الوكالة للتعاون التقني لأكثر من 100 عالم بالفعل التدريب على استخدام تقنيات النظائر المستقرة في تتبُّع مصادر الكربون العضوي وفهم التفاعلات الغذائية في النظم الإيكولوجية للأراضي الرطبة. وفي إندونيسيا وتايلند، طبَّق العلماء هذه التقنيات وكشفوا عن أنَّ كميات كبيرة من الكربون تُخزَّن في التربة الغنية بغابات المانغروف.
التصدي لتحمُّض المحيطات
باستخدام التقنيات النووية ومن خلال المرصد الإقليمي المعني بتحمض المحيطات، تمكَّن العلماء في كولومبيا وكوبا من جمع بيانات بالغة الأهمية عن الحد من تحمُّض المحيطات والتصدي له. وقدمت هذه البيانات مساهمة قيمة في إعداد التقارير عن التقدم المحرز نحو تحقيق الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة ("الحياة تحت الماء"). وقد أُنشئ المرصد الإقليمي في عام 2020 بدعم من الوكالة، وهو جزء من شبكة البحوث المعنية بعوامل الإجهاد البحرية والساحلية في أمريكا اللاتينية والكاريبي (شبكة REMARCO)، والتي تُمكِّن 18 بلداً في أمريكا اللاتينية والكاريبي من التعاون على التصدي للتحديات البحرية باستخدام التقنيات النووية.

الوكالة تدعم العلماء في رصد وتحليل آثار تحمُّض المحيطات على الكائنات البحرية. (الصورة من: دين كالما/الوكالة)