سؤال: أي المجالات حقَّق فيه التشعيع الصناعي القائم على المعجِّلات أثره الأكبر، وبرأيكم إلى أين تتجه هذه التكنولوجيا؟
الجواب: إنَّ المعجِّلات تُستخدم على النطاق الصناعي منذ ما يقرب من 60 عاماً من أجل تحسين خصائص البوليمرات. ومن التطبيقات الرئيسية لذلك معالجة المواد العازلة المستخدمة في الكابلات من أجل زيادة مقاومتها لدرجات الحرارة المرتفعة، الأمر الذي يسهم في تحسين الأمان من الحرائق وتعزيز متانة المعدات. وثمة تطبيقات عديدة أخرى تعتمد على تعديلات كيميائية أخرى تُستحث باستخدام الحزم الإلكترونية، ومنها إنتاج مركَّب الخشب والبلاستيك للأرضيات أو صنع أنواع الرغاوي المستخدمة في صناعة السيارات. والعديد من هذه التطبيقات مسجَّل الملكية ويُطبَّق في مواقع التصنيع.
وقد أدَّى استحداث المعجِّلات العالية القدرة إلى توسيع نطاق المنتجات التي يمكن معالجتها، مما أتاح لهذه التكنولوجيا منافسة التشعيع باستخدام أشعة غاما المنبعثة من النظير المشع الكوبالت-60. وتضمَّنت المجموعة الواسعة من المنتجات التي أتاحت هذه التكنولوجيا معالجتها تعقيمَ الأجهزة والعبوات الطبية، ومكونات المستحضرات الصيدلانية ومستحضرات التجميل، ومراقبة الأغذية من الناحية الميكروبية. ولا يزال التشعيع بأشعة غاما حتى اليوم هو التكنولوجيا السائدة في هذه التطبيقات.
سؤال: هل هناك تحوُّل من التشعيع باستخدام المصادر المشعة والتكنولوجيات القائمة على المعجِّلات؟
الجواب: هناك توجُّه إلى تحقيق هذا التحوُّل، وهو يتعلق أساساً بتعقيم الأجهزة الطبية نظراً إلى الزيادة المتسارعة في الطلب على الأجهزة الطبية ومن ثمَّ على التعقيم. والتشعيع هو أسلوب التعقيم المفضل فيما يخصُّ نسبة تقل قليلاً عن نصف حجم الأجهزة التي تتطلب التعقيم على الصعيد العالمي، ويستأثر التعقيم بأشعة غاما بأكثر من 80 في المائة من هذا الحجم. غير أنَّ ظروفًا متعددة، قد يكون بعضها مؤقتاً، منعت مؤخراً إمدادات الكوبالت-60 من مواكبة الطلب المتزايد. وعادةً ما لا تفضل الجهات المصنعة للأجهزة الطبية طريقة على أخرى، فهي لا تود إلا أن تكون منتجاتها معقَّمة على نحو سليم.
وللتعقيم بأشعة غاما المنبعثة من مصادر الكوبالت-60 ميزتان مهمتان، وهما البساطة والموثوقية. وللمعجِّلات ميزات أيضًا ومنها أن تشغيلها لا يتطلب سوى الكهرباء وإمكانية إيقاف انبعاث الإشعاعات المؤيِّنة مؤقتاً. وستحدِّد قوى السوق أيَّ تكنولوجيا من هاتين التكنولوجيتين ستسود في المستقبل، ولكن من المهم حاليًّا أن تظلَّا متوافرتين نظراً إلى الحاجة إليهما لتلبية الطلب على التعقيم.
ولا بد من الإشارة إلى أنَّه فيما يتعلق بقدرات المعالجة، يمكن استخدام أشعة غاما لمعالجة كل ما يُعالج باستخدام معجِّلات الإلكترونات، إلا أنَّ العكس ليس صحيحاً. ومع ذلك، يمكن أن تُزوَّد بعض المعجِّلات بهدف معدني يحوِّل الحزم الإلكترونية إلى الأشعة السينية التي تشبه أشعة غاما في خصائصها.
سؤال: يتزايد الطلب على التطبيقات الصناعية القائمة على المعجِّلات، لا سيما في البلدان النامية، فما هي التحديات التي يجب أن تتغلّب عليها هذه التكنولوجيات لكي تتوفر بسهولة أكبر؟
الجواب: من المرجح أنَّ جانباً كبيراً من النمو في سوق التشعيع التقليدي بأشعة غاما سوف يتحوَّل إلى المعجِّلات في المستقبل. فعدد موردي المعجِّلات يتجاوز عدد موردي الكوبالت-60، لكنَّ هذا العدد يقتصر على قرابة اثني عشر مورِّداً في حالة الأجهزة العالية الطاقة والعالية القدرة، ويقلُّ كثيراً عن ذلك في حالة المعجِّلات المزودة بالقدرة على إنتاج الأشعة السينية. ولا يزال تطور نظم الأشعة السينية محدوداً لكنه ينمو بسرعة انطلاقاً من مستوى متدنٍّ.
ولم تُعتمد المعجِّلات بقدر كبير بعدُ في العديد من البلدان النامية. ويعود ذلك أساساً إلى ما تتطلبه المعجِّلات من استثمارات كبيرة، ومستوى تعقُّد الأجهزة مقارنة بأجهزة التشعيع بأشعة غاما، وعدم توافر إمدادات فائضة ومستقرة من الكهرباء. ومن المرجَّح أنَّ العقبات من قبيل توافر الموارد البشرية والقيود المالية واستيفاء متطلبات الأمان سيمكن التغلُّب عليها بسهولة أكبر مقارنة بالمشاكل المتعلقة بالبنية الأساسية وحجم السوق. ولذلك، ففي الوقت الراهن لا تبدو التكنولوجيا القائمة على المعجِّلات مناسبة بدرجة كبيرة لجميع البلدان النامية.
سؤال: تعمل رابطة التشعيع الدولية والوكالة معاً على مبادرات مختلفة، مثل المؤتمرات الدولية وحلقات العمل للباحثين الشباب. كيف تفيد هذه المبادرات الاستخدام المتزايد لتكنولوجيا المعجِّلات؟
الجواب: تتوافق أهداف الرابطة مع بعض أهداف الوكالة. والرابطة ملتزمة بالحياد التكنولوجي في الترويج للاستخدامات المأمونة والمفيدة للتكنولوجيات الإشعاعية. وفي حين أنَّ نظراء الوكالة هم الحكومات ووكالاتها، فإنَّ رابطة التشعيع الدولية تمثِّل أساساً سوق التشعيع الصناعي. وتتعاون رابطة التشعيع الدولية مع الوكالة في عدد متزايد من المبادرات.
سؤال: أي التطورات في مجال التشعيع الصناعي القائم على المعجِّلات هو الأكثر إثارة لحماسكم؟ وهل سيؤدي هذا التطور إلى "تغيير قواعد اللعبة"؟
الجواب: يُعدُّ التشعيع داخل خط الإنتاج باستخدام الإلكترونات المنخفضة الطاقة والأشعة السينية المنخفضة الطاقة نهجاً جديداً واعداً للغاية. ويقوم هذا الابتكار على استخدام نماذج مصغَّرة من المعجِّلات أو المصابيح الباعثة، ومن الممكن أن يجعل التشعيع في متناول الجهات المصنعة في قطاعات عديدة. ورغم محدودية التطبيقات المحتملة بسبب اختراق الأشعة المنخفضة الطاقة للمواد، فإنَّ المصابيح الباعثة تمتاز بصغر حجمها وقابليتها للدمج في خطوط التصنيع. وتشمل التطبيقات الأولية تعقيم المحاقن قبل ملئها في الصناعة الصيدلانية وتعقيم المواد بسرعة كبيرة على خطوط التعبئة المعقَّمة الخاصة بالحليب أو المشروبات الغازية.
وأعطيكم مثلاً واحداً في هذا الصدد، حيث طوَّرت شركة سويسرية آلة لإزالة التلوُّث من المكونات الغذائية بحجم يقارب خزانة كبيرة. وتُستخدم هذه النظم أيضاً في مكافحة الآفات باستخدام تقنية الحشرة العقيمة التي تعدُّ الوكالة من أبرز أنصارها، وكذلك في بحوث البيولوجيا الإشعاعية. ومن المطلوب بذل المزيد من الجهود لتوسيع مجال التطبيقات الممكنة، لاسيما باستخدام النظم الصغيرة الحجم القائمة على الأشعة السينية المنخفضة الطاقة، ولكن ما من شكٍّ في أنَّ هذا التطور يمكن أن يغيِّر قواعد اللعبة.