You are here

فهم التصريفات المشعة

العلماء يستخدمون قاعدة بيانات تديرها الوكالة من أجل تحسين الرصد البيئي

Jonah Helwig

النويدات المشعة هي عناصر كيميائية غير مستقرة ينبعث منها الإشعاع عندما تتحلل وتصبح أكثر استقراراً. وهي موجودة في البيئة الطبيعية اليومية ويمكن أيضاً إيجادها اصطناعياً.

وينطوي التشغيل العادي لمحطات القوى النووية على تصريف كميات منخفضة جداً من النويدات المشعة إلى الغلاف الجوي والكتل المائية السطحية مثل الأنهار والبحيرات والمحيطات. ويُحدَّد مقدار ونوع الإشعاع الذي سينطوي عليه التصريف قبل بدء التشغيل.  ويتوقف نوع وكمية النويدات المشعة المصرَّفة من المرفق النووي على تصميم المفاعل، وتلتزم الجهات المشغلة بإجراء تقييمات للأثر البيئي الإشعاعي لإثبات أن الجرعة المترتبة على التصريف ستكون أقل من حد الأمان المقبول دولياً وهو 1 ملي سيفرت للشخص الواحد في السنة، على النحو المبين في معايير الأمان الصادرة عن الوكالة.

وفي الواقع، يكون تعرض الجمهور للإشعاع بسبب تصريفات المحطات النووية أقل كثيراً من هذا المستوى. فالشخص الذي يعيش بالقرب من محطة للقوى النووية يتعرض في المتوسط لجرعة فعالة سنوية تبلغ نحو 0.0001 ملي سيفرت، وهي جرعة بالغة الضآلة مقارنة بحد الأمان المقبول. ولتيسير المقارنة، فإن هذه الجرعة هي نفسها التي يتلقاها الشخص عند تناول ثمرة موز،  وهي أقل كثيراً من مستوى التعرض الناتج عن رحلة مدتها عشر ساعات بالطائرة. ومع ذلك، تجري الجهات المشغلة والهيئات الرقابية عمليات الرصد بالقرب من محطات القوى النووية لإثبات بقاء التصريفات دون الحد المأمون.

(الرسم البياني: برنامج الأمم المتحدة للبيئة)

وأجرى فريق من الباحثين الإسبان دراسة جديدة نُشرت في مجلة Heliyon المعنية بالعلوم والطب والهندسة بهدف تزويد الجهات القائمة على الرصد والهيئات الرقابية بمعلومات عن أفضل الممارسات المتبعة في رصد المياه بالقرب من محطات الطاقة النووية، مع التركيز على النويدات المشعة في المياه الجوفية المخصصة لاستخدامات أخرى غير الاستهلاك البشري، مثل الري.

وسعى الباحثون إلى تحديد النويدات المشعة الشائعة في تصريفات محطات القوى النووية والتوصية بأساليب اختبار عملية يمكن للمختبرات استخدامها للكشف عن تلك النويدات المشعة. وبالنظر إلى احتياجهم لكمية كبيرة من البيانات عن التصريفات البيئية، فقد اعتمدوا على قاعدة بيانات الوكالة بشأن تصريفات النويدات المشعة في الغلاف الجوي والبيئة المائية (قاعدة بيانات ديراتا)، التي تحتوي على بيانات من المرافق النووية في جميع المناطق.

وقالت الباحثة الرئيسية في الدراسة، سوزانا بيتيسكو فيريرو، وهي أستاذة مساعدة في مجال هندسة الطاقة في جامعة إقليم الباسك: "لقد اخترنا قاعدة بيانات ديراتا لأن محتوياتها محدثة وموثوقة، كما أنها مأخوذة من أنحاء مختلفة من العالم، مما أتاح لنا إعداد دراسة أوسع تمثيلاً بالجمع بين بيانات مأخوذة من أمريكا الشمالية والجنوبية ومن الاتحاد الأوروبي."

ومرة واحدة في السنة يتطوع 25 بلداً (بنسبة 73 في المائة من البلدان التي لديها محطات للقوى النووية) بتقديم ما لديهم من بيانات التصريف، ويمكن الاطلاع على هذه البيانات عبر بوابة ديراتا. وتتيح قاعدة بيانات ديراتا للبلدان المشاركة منصة لتيسير الإبلاغ بشفافية عن النويدات المشعة التي يجري تصريفها بكميات منخفضة للغاية أثناء التشغيل العادي للمرافق والأنشطة النووية. وتحتوي قاعدة بيانات ديراتا كذلك على سجلات التصريفات القديمة التي جمعتها لجنة الأمم المتحدة العلمية المعنية بآثار الإشعاع الذري والمفوضية الأوروبية ومنظمات دولية ووطنية أخرى. ويمكن للهيئات الرقابية والجهات المشغلة للمرافق النووية والباحثين استخدام البيانات الموجودة في قاعدة البيانات لتتبع الاتجاهات وتحسين برامج الرصد.

وبالاستعانة بقاعدة بيانات ديراتا، تمكن الباحثون الإسبان من وضع قائمة شاملة بالنويدات المشعة الشائعة التي تحتوي عليها تصريفات محطات القوى النووية، مثل الهيدروجين-3 والكالسيوم-41. واقترحوا أساليب لرصد وجودها في المياه يسهل على المختبرات النمطية استخدامها دون معدات متخصصة. وشملت اقتراحاتهم تعديل أحجام عينات المياه واختيار تقنيات قياس الطيف المناسبة لقياس كمية كل نويدة مشعة في عينات المياه. وقدموا أيضاً توصيات لتحسين إرشادات رصد المياه الجوفية المحيطة بمحطات القوى النووية.

وقالت السيدة آنا كلارك، رئيسة قسم أمان النفايات والبيئة في الوكالة: "إن عمل الباحثين الإسبان مثال بارز على الاستفادة من قاعدة بيانات ديراتا في البحوث العلمية، وكيف يمكن أن تساعد على وضع السياسات الرامية لحماية الناس والبيئة من الآثار الضارة للإشعاعات المؤينة. إنها أداة قيمة يمكن أن تساعد الباحثين في جميع أنحاء العالم على المساهمة في بناء مستقبل أكثر أماناً."

 

٢٠٢٥/٠٤
Vol. 66-1

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية