You are here

المفاعلات الكبيرة الحجم تقود التوسع في القوى النووية ريثما تتطور المفاعلات النمطية الصغيرة

بقلم جوان ليو

وفي سيناريو الحالة المرتفعة، تتوقع الوكالة أن قدرة الطاقة النووية ستزيد بأكثر من الضعف بحلول عام 2050، من 371 غيغاواط (كهربائي) في عام 2022 إلى 890 غيغاواط (كهربائي) بحلول عام 2050، ويُتوقع أن يأتي نحو 10% فقط من هذه الزيادة من عمليات نشر المفاعلات النمطية الصغيرة.

 

رفع مستوى القوى النووية إلى المستوى المطلوب للوصول بصافي الانبعاثات إلى مستوى الصفر مهمة كبيرة ومتعددة الأوجه، وفي حين أن العديد من أنواع المفاعلات قد تؤدي دوراً مهماً، فإن المفاعلات الكبيرة الحجم جاهزة لقيادة المسيرة. وكانت المفاعلات الكبيرة الحجم المبرَّدة بالماء أساسية لصعود الصناعة النووية في القرن العشرين، ومن المتوقع أن توفر المفاعلات المتقدمة المخطط لها أو التي هي قيد التشييد في الوقت الحالي، التي تتراوح قدرة كثير منها من 1 إلى 1.7 غيغاوات (كهربائي)، الجزء الأكبر من القدرة النووية الجديدة.

وتقول ألين دي كلويزو، مديرة شعبة القوى النووية في الوكالة: "بالنسبة للبلدان التي تشغل بالفعل محطات قوى نووية، فإن مفاعلات الماء الخفيف الكبيرة، وليس المفاعلات النمطية الصغيرة، هي من ستحفِّز زيادة القدرات النووية". وتضيف: "المفاعلات الكبيرة الحجم هي تكنولوجيا مجربة ويمكنها أن توفر بشكل اقتصادي أحمال أساسية كبيرة وموثوقة من الطاقة. ولكننا نتوقع أن تستفيد البلدان والصناعات من إمكانات المفاعلات النمطية الصغيرة أيضاً".

ويجب توسيع نطاق القوى النووية لتحقيق الأهداف العالمية للوصول بصافي الانبعاثات إلى مستوى الصفر - وكان هذا هو النداء الواضح الذي وجهه المدير العام للوكالة، السيد رافائيل ماريانو غروسي، في كانون الأول/ديسمبر الماضي في بيان أيدته عشرات البلدان خلال انعقاد الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (مؤتمر المناخ COP28). وقد تأكد هذا الموقف بإدراج القوى النووية في الحصيلة العالمية لأول مرة في تاريخ المؤتمر الذي يقارب الثلاثين عاماً.

وفي سيناريو الحالة المرتفعة، تتوقع الوكالة أن قدرة الطاقة النووية ستزيد بأكثر من الضعف بحلول عام 2050، من 371 غيغاواط (كهربائي) في عام 2022 إلى 890 غيغاواط (كهربائي) بحلول عام 2050، ويُتوقع أن يأتي نحو 10% فقط من هذه الزيادة من عمليات نشر المفاعلات النمطية الصغيرة. والوصول إلى هذه المعدل يعني إضافة ما لا يقل عن 20 غيغاوات (كهربائي) سنويًّا. ويقول هنري بايير، رئيس قسم التخطيط والدراسات الاقتصادية في الوكالة: "إن القدرة المتوقعة في الحالة المرتفعة طموحة ولكنها ممكنة من الناحية التقنية".

وقد تكون المفاعلات الأصغر حجماً مثل المفاعلات النمطية الصغيرة والمفاعلات المتناهية الصغر مناسبة بشكل خاص لتوفير القوى للمستخدمين النهائيين الصناعيين والمجتمعات النائية التي لديها شبكات كهربائية أصغر، ولتوفير الطاقة إلى التطبيقات غير الكهربائية مثل إنتاج الهيدروجين وتحلية مياه البحر. بيد أن المفاعلات النمطية الصغيرة ستحتاج إلى إثبات جدواها قبل نشرها على نطاق أوسع؛ وستظل المفاعلات الأكبر حجماً تهيمن على مشهد القوى النووية في السنوات القادمة.

وإن جميع المفاعلات النووية الثمانية والخمسين تقريباً التي هي قيد التشييد حاليًّا عبارة عن مفاعلات كبيرة الحجم، وتتمحور خطط التوسع في البلدان المشغلة للقوى النووية والبلدان المستجدة على حد سواء حول مفاعلات تبلغ قدرتها 1 غيغاواط أو أكثر، رغم أن العديد من هذه البلدان تتطلع إلى نشر المفاعلات النمطية الصغيرة في نهاية المطاف أيضاً. وتعتزم بولندا، وهي بلد مستجد يهدف إلى إضافة الطاقة النووية بحلول منتصف عام 2030، نشر 6-9 غيغاواط (كهربائي) من قدرة التوليد باستخدام مفاعلات القوى النووية الكبيرة الحجم. وتتوقع الصين، التي تشغِّل حاليًّا 55 مفاعلاً، توسيع قدرتها في مجال القوى النووية بمقدار ثمانية أضعاف لتصل إلى حوالي 400 غيغاواط بحلول عام 2060، وذلك أساساً من خلال نشر مفاعلات كبيرة الحجم.

التحديات التي تواجه التوسع النووي

وفقاً لبايير، فإن أكبر التحديات في توسيع قدرة الطاقة النووية هي تلك المتعلقة بالموارد المالية والبشرية: "هناك حاجة إلى آليات لاجتذاب رؤوس الأموال من المستثمرين والقطاع الخاص لتمويل مشاريع نووية جديدة. وهناك ما يكفي من المال لتمويل الاستثمارات من أجل الانتقال إلى الطاقة النظيفة. وما يجعل المستثمرين حذرين من القوى النووية هو وجود مخاطر مثل حالات التأخر في التشييد".

وبعد توقف دام لعقود عن تشييد بُنى نووية جديدة، يواجه تشييد المشاريع النووية الكبيرة الأولى من نوعها في الدول الغربية، في كثير من الأحيان، تجاوزات في التكاليف وحالات من التأخير. ويُعزى ذلك إلى إعادة اكتساب المهارات وتنشيط العمليات. وأضاف بايير: "لم تكن هناك عمليات تشييد منذ 20 عاماً في بعض تلك البلدان. ويلزم تدريب الموارد البشرية وإعادة إقامة سلاسل التوريد". واستطرد: "زيادة القدرة النووية تعني زيادة التشييد وعمليات الربط بالشبكات، مما يعني إيجاد المزيد من المهندسين والتقنيين واللحَّامين وأكثر من ذلك. ولا تقتصر مسألة الموارد البشرية على الطاقة النووية فحسب، ولكنها تشكل تحديًّا مشتركاً في جميع تكنولوجيات الطاقة النظيفة". وستكون الدروس المستفادة من المشاريع السابقة، بما في ذلك في إدارة المشاريع وإشراك الأطراف المعنية، حاسمة لإنجاز المساعي الجديدة للتشييد في الوقت المناسب.

وفي بعض البلدان، مثل الاتحاد الروسي والإمارات العربية المتحدة وجمهورية كوريا وبيلاروس والصين، نُفِّذت مشاريع تشييد بُنى جديدة - ينطوي معظمها على تشييد مفاعلات متقدمة مبرَّدة بالماء - في الوقت المحدَّد وفي حدود الميزانية إلى حد كبير. وتقول دي كلويزو: "إن التصميم الموحد للمفاعلات المتقدمة يعجل بالترخيص ويقلل من تكاليف رأس المال ووقت التشييد".

التوسع بين الماضي والمستقبل

شهدت سبعينيات القرن العشرين طفرة في التوسع في الطاقة النووية، وكانت القوى الدافعة نحو ذلك هي أمريكا الشمالية وأوروبا. وفي عام 1970، شغَّل 15 بلداً 90 مفاعلاً للقوى النووية بقدرة إجمالية قدرها 16.5 غيغاواط (كهربائي). وطوال سبعينيات القرن العشرين، بدأ تشييد 25 إلى 30 وحدة نووية جديدة سنويًّا. وبحلول عام 1980، شغَّل 22 بلداً 253 مفاعلاً للقوى النووية تبلغ قدرتها 135 غيغاواط (كهربائي). وبحلول نهاية عام 1990، زادت القدرة النووية بأكثر من الضعف لتصل إلى 326 غيغاواط (كهربائي) في جميع أنحاء العالم.

ويقول بايير: "كانت الصناعة النووية وسلسلة التوريد راسخة وقادرة على تشييد مفاعلات نووية تبلغ قدرتها 30 غيغاوات سنويًّا". ويضيف: "وهذا أمر مشجع لأنه لم يكن هناك، في ذلك الوقت، سوى عدد قليل من البلدان التي تقود هذا الاتجاه، مثل فرنسا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية. واليوم، أصبحت الصين والاتحاد الروسي جهتين فاعلتين رئيسيتين تمتلكان سلسلة التوريد والصناعة لدعم التوسع في القوى النووية".

وسيتطلب إحياء القوى النووية وتوسيع نطاقها لتحقيق الأهداف العالمية، سواء من خلال المفاعلات الكبيرة الحجم أو المفاعلات النمطية الصغيرة، دعماً سياساتيًّا وضوابط صارمة على التكاليف. وتقول دي كلويزو: "إن الزخم اللازم لتحقيق الأهداف موجود، لكن الأمر سيتطلب المزيد من العمل السياسي".

٢٠٢٤/١٠
Vol. 65-3

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية