تعزيز الأمن النووي في السنغال
Kendall Siewert
زادت السنغال من تأهبها لمواجهة تهديدات الأمن النووي، بالاعتماد جزئيا على خطتها المتكاملة لدعم الأمن النووي. وتندرج هذه الخطة، التي وُضِعت بالتعاون مع الوكالة، ضمن الجهود التي تبذلها السنغال لإقامة نظام فعال ومستدام للأمان النووي.
ويقول نداي آرامي بوي فاي، مدير عام هيئة الوقاية من الإشعاعات والأمان النووي، وهي الهيئة الرقابية السنغالية: "قبل وضع الخطة، لم نكن نعتبر الأمن النووي مشكلة تؤثر على بلدنا، حيث لا يوجد لدينا برنامج للقوى النووية. لكننا نعمل، بالتعاون مع الوكالة، على تقييم التهديدات التي تواجهنا." ويضيف قائلا: "ومنذ أن بدأنا العمل مع الوكالة، أخذنا في إعادة تقييم أولويتنا وقدراتنا، وتحسين كفاءاتنا في مجال الأمن النووي."
“ ساعد اتباع النهج الشامل في التعامل مع الخطة السلطاتِ على إدراك مسؤولياتها وكذلك مسؤوليات كل جهة من الجهات الأخرى إزاء الأمن النووي، مما أفضى في نهاية المطاف إلى تعزيز قدرتها على العمل معاً.
وتركز تدابير الأمن النووي على الوقاية من الاستخدام الكيدي للمواد المشعة، من قبيل أعمال الإرهاب النووي، والكشف عنه والتصدي له. ويمكن أن يفيد وضع خطة شاملة البلدان عن طريق مساعدتها في تحديد احتياجاتها وتنفيذ تدابير فعالة ومستدامة تهدف، في نهاية المطاف، إلى الوقاية من الضرر المحتمل الذي قد ينجم عن الإشعاع المؤين إنْ وقعت المواد المشعة في أيادٍ تسيء استخدامها.
وتساعد الخطة البلدان في تحديد احتياجاتها ووضع أولوياتها في مجال الأمن النووي وتقدم إجراءات مقترحة للتحسين. ويمكن أن توضع الخطة، إنْ طلب ذلك، بالاشتراك بين السلطات الوطنية المعنية والوكالة، وبالتعاون مع شركاء دوليين آخرين عند الاقتضاء.
وتتناول الخطة جميع الجوانب المتعلقة بتعزيز الأمن النووي وتحقيق استدامته. ويشمل ذلك الإطار التشريعي والرقابي بالبلد، وتقييم التهديدات والمخاطر، ووضع نظام للحماية المادية، إلى جانب الكشف عن الأفعال الإجرامية وغير المأذون بها التي تنطوي على استخدام مواد خارجة عن التحكم الرقابي، والتصدي لها. وتنفذ أعمال تنقيح دورية للحفاظ على واقعية الخطة واستدامتها مع مرور الوقت.
١١٤ خطة تنتظم العالم
تُصمَّم الخطط المتكاملة لدعم الأمن النووي بما يناسب الاحتياجات الوطنية للبلد، سواء كان ذلك يشمل حماية كميات صغيرة من المواد المشعة أو كميات أكبر مرتبطة ببرنامج للقوى النووية. وتساعد هذه الخطط البلدان بغض النظر عن مدى نضج نظام الأمن النووي بها.
ويقول زيفيرين أوادراوغو مسؤول الأمن النووي بالوكالة: "تقرّ بلدان كثيرة بقيمة الخطة، سواء كانت قد بدأت للتّو في وضع إطار تشريعي ملائم للأمن النووي أم كانت تُشغل محطات قوى نووية منذ عدة عقود." وحتى تاريخه، صاغ ١١٤ بلدا خططا متكاملة لدعم الأمن النووي أو وضع اللمسات الأخيرة عليها أو اعتمدها. وقد أقر ٨٤ بلدا من تلك البلدان رسميا تلك الخطط ويعكف على تنفيذها.
السنغال تتبع نهجا منتظما
في عام ٢٠١٢، طلبت السلطات السنغالية وضع خطة متكاملة لدعم الأمن النووي لأن البلد كان يستخدم المصادر المشعة في مختلف الصناعات وفي مجال الطب وكان لديه بعض المصادر غير الخاضعة للتحكم الرقابي. وبدأت السنغال العمل مع خبراء الأمن النووي التابعين للوكالة لوضع الخطة، بمشاركة العديد من الجهات ذات الصلة، من قبيل الهيئة الرقابية والجمارك والاستخبارات وأجهزة إنفاذ القانون.
ويقول بوي فاي إنّ العديد من الجهات في السنغال كانت، قبل وضع الخطة، تعتقد أن الأمن النووي يشكل أحد مجالات اهتمام قوات الأمن في البلد دون غيرها. ومضى قائلا: "ساعد اتباع النهج الشامل في التعامل مع الخطة السلطاتِ على إدراك مسؤولياتها هي وكذلك مسؤوليات كل هيئة من الهيئات الأخرى إزاء الأمن النووي، مما أفضى في نهاية المطاف إلى تعزيز قدرتها على العمل معا."
وأثناء تنفيذ الخطة، الذي بدأ في عام ٢٠١٤، تلقت السلطات السنغالية من الوكالة معدات وحصلت على تدريب، مثل التدريب على تقنيات التفتيش الرقابي، واستضافت دورات تدريبية إقليمية تناولت مواضيع منها أمن النقل وتنمية الموارد البشرية. وعملت كذلك مع الوكالة من أجل وضع قانون نووي شامل يتضمن أحكاما أمنية، إذْ إنَّ تركيز الإطار التشريعي والرقابي القائم في البلد كان منصبا على الأمان والوقاية من الإشعاعات في المقام الأول.
وفي إطار الخطة، انتهت السلطات السنغالية إلى أن ثمة فرصة سانحة لتعزيز نظام الأمن النووي بها من خلال التصديق على تعديل اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية في تموز/يوليه ٢٠١٧. ويلزم هذا الصك القانوني الدولي الرئيسي أي بلد بحماية مرافقه النووية والمواد المستخدمة والمخزنة والمنقولة. ويقتضي أيضا أن تضع البلدان التي ليست لديها مواد نووية، مثل السنغال، بعض الأحكام القانونية أو الرقابية المتعلقة بالتعاون الدولي من أجل الحيلولة دون ارتكاب أعمال الإرهاب النووي وغيرها من الجرائم الجنائية التي تنطوي على مواد ومرافق نووية ومكافحتها.
وفي إطار دورة الاستعراض والتحديث المنتظمين للخطط المتكاملة، نُقِّحت خطة السنغال في عام ٢٠١٧ لتتجلى فيها إنجازات البلد منذ تنفيذ الخطة ولاستعراض أولوياته واحتياجاته في مجال الأمن النووي. ومن المقرر إجراء التحديث القادم في عام ٢٠٢٠.
التدريب ومساعدة البلدان الأخرى
ساعدت الخطة الهيئة الرقابية النووية في البلد على تطوير قدرتها على تقديم التدريب إلى مختلف الجهات، مثل موظفي الجمارك، في مجال الكشف عن المواد النووية والمواد المشعة الأخرى غير الخاضعة للتحكم الرقابي في أماكن من قبيل المعابر الحدودية والمطارات. واستخدمت السنغال الخطة أيضا لالتماس المساعدة التكميلية من الشركاء الدوليين الآخرين وتنسيقها، بناء على الكفاءات التي طُورت بفضل دعم الوكالة.
ومن الفوائد الرئيسية للخطة أنها تمكِّن البلد المعني والوكالة والكيانات الأخرى التي ترغب في تقديم مساعدة أمنية نووية من تخطيط الأنشطة وتنسيقها من وجهتي النظر التقنية والمالية. ومن شأن هذا التنسيق أن يحسن استخدام الموارد ويقلل من خطر الازدواجية.
ويمثل دعم البلدان حول العالم في تعزيز الأمن النووي إحدى الوظائف الرئيسية للوكالة. وتوفر منشورات سلسلة الأمن النووي الصادرة عن الوكالة للبلدان إرشادات دولية أعدت بتوافق الآراء تحقيقا لهذا الغرض. ويستند هيكل الخطة إلى أحكام الأمن النووي الموصى بها والموضحة في هذه السلسلة، مما يعني أن جميع الإجراءات المقترحة في الخطة مصممة خصيصا للمساعدة في إنشاء نُظم الأمن النووي، والعناية بها، وتحقيق استدامتها في أي بلد.
وفي إطار هذه الأنشطة، تعقد الوكالة بانتظام حلقات عمل إقليمية لتنسيق تنفيذ الخطط المتكاملة لدعم الأمن النووي، من قبيل حلقة العمل التي عُقِدت في تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٩ في داكار بالسنغال. وقد جمعت حلقة العمل هذه مشاركين من ٣٨ بلدا أفريقيا.
ويقول أوادراوغو: "كان الهدف من حلقة العمل هذه تسهيلَ تبادل الممارسات الجيدة، والوقوف على التحديات ومناقشة الفرص، سواء الوطنية أو الإقليمية، المتعلقة بتنفيذ أنشطة الأمن النووي في إطار الخطة المتكاملة لدعم الأمن النووي." ويمضى قائلا: "إن تحسين الأمن النووي على الصعيد العالمي يبدأ بتحسينه على الصعيدين الوطني والإقليمي."