وقد تركتُ مختبر لورانس ليفرمور في عام 2004 لكي أحذو حذو هؤلاء الروَّاد لنرى ما إذا كان بوسعنا أن نسهم حقًّا في التعجيل بطرح نظم الطاقة الاندماجية في الأسواق التجارية. وخلال 22 عاماً مضت منذ التحاقي بمختبر ليفرمور، تمكَّنَت هذه الشركات الرامية إلى "إحراز قصب السبق" في مجال الاندماج مجتمعةً من حشد ما يزيد على 1.5 مليار دولار لمواصلة تطوير مفاهيمها، وبرزت على الساحة صناعة مزدهرة في مجال الاندماج لتدعم هذه الجهود.
ولا ريب في أنَّ المشاريع الريادية الخاصة في مجال الاندماج تقوم على التفاؤل — إلى درجة التهوُّر في كثير من الأحيان. ولأنَّ هذه المشاريع تجمع بين الروح الريادية والتكنولوجيا المتقدمة، فقد اكتسبت سمعة شبه أسطورية في أوساط الرؤساء التقنيين والرؤساء التنفيذيين في القطاعات الأخرى. لكن لا بدَّ أن نقول إنَّ القطاع تحفُّه الآمال من جميع جوانبه. وقد بدأ العديد من روَّاد الاندماج في القطاع الخاص حياتهم المهنية في برامج حكومية تزيد فيها الفترة المتوقعة للإنجاز على 20 عاماً، لكنهم الآن ينخرطون في مناقشات بشأن اتباع استراتيجية "صفرية التدفُّقات النقدية" وبذل جهود لترشيد الإنفاق في سياق منظومة ريادية مليئة بالشركات الناشئة ذات "الروح القتالية". ويتلقى أولئك الروَّاد الدعم جزئيًّا من خلال الجهود التي تبذلها وكالة المشاريع البحثية المتقدمة في ميدان الطاقة من أجل رأب الصدع بين العمل التقليدي في المختبرات وقطاع الصناعة، من خلال سلسلة من البرامج الصغيرة مثل برامج ALPHA وBETA وGAMOW وOPEN، وأتخيَّل أنَّ تنظيم هذه البرامج سيتواصل في المستقبل.
وقد أصبحت أنشطة تسويق التكنولوجيا (T2M) أيضاً جزءاً من مجال الاندماج. وهناك مناقشات منتظمة بشأن عمليات "خروج المستثمرين" من الشركات الناشئة: هل تُباع الشركة الناشئة إلى جهة أخرى أم تتوجه إلى الأسواق أم تبيع ما لديها من أصول الملكية الفكرية؟
وهل يمكن الخروج قبل انتهاء فترة عمر الصندوق الاستثماري المنشأ للشركة المعنية؟
ومنذ مغادرتي مختبر لورانس ليفرمور، أُتيحت لي فرصة أن أتَّخذ لنفسي مهنةً من العمل مع المشاريع الريادية الخاصة العاملة في مجال الاندماج، بدءاً من شركة ناشئة مهتمة بالاندماج القائم على الاحتواء الصوتي، مقرها في غراس فالي، كاليفورنيا، إلى شركة أسَّستها مجموعة من خريجي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وتمكَّنت من حشد مبلغ مذهل قدره 200 مليون دولار في جولتها الاستثمارية الأولى. ومن الواضح أنَّ هناك اهتماماً متجدِّداً بالوصول إلى مستوى الصفر من حيث كلٍّ من الانبعاثات الكربونية والتدفُّقات النقدية. ويختلف روَّاد الأعمال والمشاريع الريادية من حيث النهج التقني (مع إجماعهم على أنَّ التكنولوجيا الأصغر حجماً هي الأفضل)، كما يختلفون بعض الشيء فيما يتعلق بأفكارهم حول خطة التسويق التجاري — فبعضهم حريصٌ على الأخذ بنهج السعي "لإحراز قصب السبق"، الذي تتركَّز فيه كلُّ الجهود على أن تكون الشركة أول من يقدِّم إلى السوق منتجاً لتوليد الكهرباء. بيد أنَّ الشركات التي تتَّبع هذا النهج (والتي ربما يبلغ عددها 20 شركة حول العالم) لا تشكِّل إلا نسبة ضئيلة من منظومة المنشآت التجارية الصغيرة التي توفِّر منتجات وخدمات تدعم الاندماج.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، هناك برنامج للمنح المخصصة للبحوث الابتكارية التي تجريها المنشآت التجارية الصغيرة، ويقدِّم هذا البرنامج الدعم لمئات من الشركات التي تضطلع بأنشطة لها صلة بالاندماج؛ سواء كانت تصنع الإغنيترونات أو المكثِّفات، أو تجري عمليات المحاكاة، أو تطوِّر أنواعاً جديدة من المواد لاستخدامها في التصنيع بإضافة الطبقات، أو تستكشف تقنيات تشخيصية مستحدثة. والمنشآت الصغيرة تتحمَّل عبئاً أقل من المختبرات الكبيرة من حيث التكاليف العامة. وهي تمتاز بالمرونة ويمكنها أن تغيِّر اتجاهها — فقد تقدِّم نوعاً من المنتجات في سنة ثمَّ تستحدث مجموعة مختلفة من الحلول في السنة التي تليها. كما أنَّها تتمتَّع بالقدرة على الابتكار، ووضع أهم المشاكل في الحسبان والبحث عن حلول لها، والتركيز على العناصر التي من شأنها أن تفضي في نهاية المطاف إلى تمكين طاقة الاندماج من الدخول إلى السوق.
والخلاصة هي أنَّ الشركات الناشئة والمنشآت الصغيرة هي جزءٌ من حاضر الاندماج، والمستقبل واعدٌ أمام الصغار!