You are here

التقنيات النووية تحدِّد مصادر جديدة لمياه الشرب المستمدَّة من المياه الجوفية في بنغلاديش

,

ساعدت التقنيات النظيرية على العثور على مياه جوفية خالية من الزرنيخ وتسرُّب مياه البحر في بنغلاديش. (الصورة من: الوكالة الدولية للطاقة الذرية/هيئة الطاقة الذرية في بنغلاديش

تواجه بنغلاديش، التي يبلغ تعداد سكانها ١٦٥ مليون نسمة، أوجه قصورٍ حادّة في موارد مياه الشرب بسبب زيادة تلوُّثها، وتسرُّب مياه البحر، وتلوُّث مستودعات المياه الجوفية بالزرنيخ. غير أنَّ دراسة أُجريت بدعم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية باستخدام التقنيات النظيرية وجدت أن المياه الجوفية العميقة في مقاطعَتي برغونا وباتواخالي في جنوب غرب بنغلاديش خالية من الزرنيخ وتسرُّب مياه البحر، ما يعني أنها تمثّل مصدراً إضافياً مُجدياً من مياه الشرب لمنطقة تحتضن أكثر من مليونَي نسمة.

وقال ناصر أحمد، أخصائي الهيدرولوجيا النظيرية في هيئة الطاقة الذرية في بنغلاديش التي قادَت الدراسة: "أعطت حكومة بنغلاديش أولوية عالية لإمدادات المياه المحلية، بما في ذلك التخفيف من الزرنيخ والإدارة المستدامة للمياه الجوفية". "وستُستخدم البيانات النظيرية التي جُمعت خلال الدراسة لمزيد من التوجيه نحو تحقيق المستوى الأمثل في سياسات إدارة المياه الجوفية المستدامة."

المياه السطحية مالحة في معظم الأنهار الساحلية في بنغلاديش، والمياه الجوفية هي المصدر الرئيسي لمياه الشرب المأمونة. غير أنَّ المياه الجوفية الضحلة في البلاد تتسم بمستويات عالية من الزرنيخ - شبه فلز سام موجود في الجيولوجيا المحلية على تماس مع المياه الجوفية. وبحسب منظمة الصحة العالمية، تشكل المياه الملوَّثة المستخدَمة للشرب وتحضير الطعام وري المحاصيل الغذائية أكبر تهديد للصحة العامة من الزرنيخ، والتعرُّض طويل الأمد للزرنيخ من مياه الشرب والطعام يمكن أن يسبِّب السرطان والآفات الجلدية.

وبدعم من الوكالة، أجرَت هيئة الطاقة الذرية في بنغلاديش الدراسة في الفترة من عام ٢٠١٦ إلى عام ٢٠١٩ لتوصيف تجدُّد مخزون المياه الجوفية - العملية الهيدرولوجية التي تنطوي على انتقال المياه السطحية إلى مياه جوفية تحت سطحية - في المناطق المتأثرة بالزرنيخ والتملُّح في مستودعات المياه الجوفية الساحلية. تمكّن التقينات النظيرية (انظر العلوم) العلماءَ من فهم مكوّنات دورة تجدّد المياه، ما يساعدهم على تقييم كمية ونوعية واستدامة المياه بشكل أفضل. وضمن الدورة المائية، تمثّل المياه الجوفية أقلّ مكوّن نفهمه. تمثّل النظائرُ الأدوات الأكثر مباشرةً والأكثر فعاليةً المتاحة لدينا لتقدير عمر موارد المياه ومواطن ضعفها ومدى استدامتها.

وكشفت بيانات النظائر المستمدة من الدراسة عن وجود مياه شرب عالية الجودة على المدى الطويل في مستودعات المياه الجوفية على عُمق ٣٠٠ متر في مقاطعتَي بارجونا وباتواخالي.

وقال أومايا دوس سارافانا كومار، أخصائي الهيدرولوجيا النظيرية في الوكالة: "التقنيات النظيرية هي أداة قيّمة لتقييم تنقُّل الزرنيخ في طبقات المياه الجوفية وآلية تجدُّد المياه الجوفية". "وتتطلب الإدارة المستدامة لموارد المياه الجوفية فهم عمليات تجدُّد المياه الجوفية، ومصدرها ومنشئها، بالإضافة إلى النشوء الجيوكيميائي. وتساعد التقنيات النظيرية في جميع هذه المجالات."

ويعتمد توافُر المياه الجوفية لتغطية الاحتياجات البشرية على كميتها وجودتها ومعدل تجدُّدها. والمعلومات المتعلقة بمصدر المياه الجوفية وعمرها ضرورية لتقييم استدامة المورد بشكل ملائم، خاصة في ضوء أنشطة السحب الحالية أو المخطط لها. ولم تُظهر المياه الجوفية العميقة التي عُثر عليها في طبقات المياه الجوفية في بارغونا وباتواخالي نسبةً من مياه البحر أو زرنيخاً، وأعمار المياه الجوفية الظاهرة تتراوح بين ٩٨٠٠ و ٣١٧٠٠ سنة قبل اليوم، ما يشير إلى وجود مياه قديمة متجدّدة، ما يعني أن تدفُّق المياه بطيء وأن طبقة المياه الجوفية يمكن أن تستغرق فترة طويلة لكل تتجدَّد، لكنها أيضاً أقلّ تأثُّراً بالتلوث والظروف المناخية المتغيرة.

وقال ناصر أحمد: "هذه الدراسة النظيرية أعطت أساساً عمليًّا لتحديد الوضع الحالي والمستقبلي لطبقات المياه الجوفية العميقة في مقاطعَتي مبارغونا وباتواخالي".

وقامت إدارة هندسة الصحة العامة في بنغلاديش الآن بتركيب آبار بعُمق ٣٠٠ متر في المنطقة التي عُثر فيها على مستودعات مياه جوفية خالية من التلوث بالزرنيخ والملوحة العالية، لتوفير مياه الشرب المأمونة لسكان المناطق الريفية في جنوب غرب بنغلاديش.  

العلوم

وفي الهيدرولوجيا، تُستخدم بعض النظائر المشعَّة الطبيعية المنشأ الموجودة في الماء، مثل التريتيوم (3H) والكربون-14 (14C) والنظائر المشعَّة للغازات الخاملة، لتقدير عمر المياه الجوفية. لعينات المياه بصماتٌ نظيرية فريدة توفر أدلة عن أصل المياه وتاريخها.  وتُجمع عينات المياه من المياه السطحية والجوفية على أعماق مختلفة في عدَّة مواقع تمثيلية لإجراء تحليلات هيدروكيميائية مختلفة، بما في ذلك تحليل الزرنيخ والنظائر، والتي تكشف نتائجها عن معلومات عن مصدر المياه الجوفية وقابلية تجدُّدها وآلية ذلك التجدّد. تتيح تركيزات الزرنيخ في عينات المياه الجوفية على أعماق مختلفة، جنباً إلى جنب مع الجيولوجيا المائية وبصمات النظائر، تصُّوراً أفضل لتدفُّق المياه الجوفية وحركة الزرنيخ في المياه الجوفية.

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية