You are here

تعزيز دور البرلمانات في مجال الأمن النووي

مقابلة مع د. توليا أكسون، رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي

للأسف، غالباً ما يتمّ تجاهُل البرلمانات كجهات فاعلة تُسهِم في الانضمام العالمي إلى المعاهدات الدولية.

هل يمكنكِ وَصْف دور الاتحاد البرلماني الدولي وعمله، لا سيما فيما يتعلق بتمكين البرلمانات في مجالَي الترويج للسلام والأمن والترويج لأهداف التنمية المستدامة؟

تأسس الاتحاد البرلماني الدولي (IPU) قبل 135 عاماً كأول منظمة سياسية متعددة الأطراف في العالم تُكرّس جهودها للترويج للسلام من خلال الدبلوماسية البرلمانية والحوار. ويتمثّل هدفه الرئيسي في تشجيع البرلمانيين على الالتقاء وتأدية دور الوساطة بدلاً من تسوية خلافاتهم عبر شنّ الحروب. 

وأنا، كرئيسة للاتحاد البرلماني الدولي، فخورة بأنّ لدينا اليوم 180برلماناً عضواً تُمثِّلُ أغلبية أعضاء البرلمانات الوطنيين حول العالم البالغ عددهم 000 46 عضواً. ومؤسِّسا الاتحاد البرلماني الدولي كلاهما واثنتا عشرة شخصية بارزة في الاتحاد فازوا جميعاً بجائزة نوبل للسلام.

ويُؤدي الاتحاد البرلماني الدولي دوراً خاصًّا في البلدان الخارجة من صراعات أو التي تمر بمرحلة انتقالية صوب الديمقراطية. ويساعد الاتحاد هذه البلدان على تطوير برلماناتها حتى تُصبِح مؤسسات ديمقراطية متينة قادرة على رأب الانقسامات الوطنية، وهو يوفّر الحماية للمواطنين بحيث يمكنهم التحرُّر من الخوف ومن الحروب.

كما أنَّ نزع السلاح وعدم الانتشار عاملان بالغا الأهمية من أجل تحقيق السلام. ويضغط الاتحاد البرلماني الدولي بقوة من أجل إيجاد عالم خال من الأسلحة النووية، ويُروّج للتنفيذ الكامل لـقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1540 المتعلق بمنع الأطراف الفاعلة من غير الدول من الحصول على أسلحة الدمار الشامل. ويعمل الاتحاد البرلماني الدولي أيضاً على القضاء على التدفقات غير المشروعة من الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة باعتبارها أدوات تُستخدم يومياً لارتكاب أعمال العنف والقتل. ونظراً إلى أنَّ الحروب غالباً ما تؤثر في النساء والشباب على نحو غير متناسب، فإنّ تركيزنا ينصبُّ على تحقيق السلام والأمن فيما يخص هاتيْنِ الفئتين، وذلك استناداً إلى قرارَي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1325 و2250.

ومن بين أولوياتي كرئيسة للاتحاد البرلماني الدولي تنفيذُ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة. وما تضطلع به البرلمانات من مسؤوليات تشريعية ورقابية وأخرى تتعلق بالميزانية يجعل منها جهات فاعلة فيما يتعلق بالحد من أوجُه عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، وتحسين صحة الشعوب التي تمثلها هذه البرلمانات، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإنقاذ كوكبنا من الطوارئ المناخية، على سبيل المثال. كما أنَّ مجموعة أدواتنا الخاصة بالتقييم الذاتي لأهداف التنمية المستدامة، المستحدَثة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمترجمة إلى اثنتي عشرة لغة، تلقى نجاحاً كبيراً. وتُساعد مجموعة الأدوات هذه البرلمانيين على تحديد الممارسات الجيدة والفرص المتاحة والدروس المستفادة بشأن كيفية إضفاء الطابع المؤسسي على أهداف التنمية المستدامة وتعميمها في صُلب العملية التشريعية.

كيف يُساعد الاتحاد البرلماني الدولي على المضي قدماً صوب تحقيق الانضمام العالمي إلى الصكوك القانونية المتعلقة بالأمن النووي؟

أفخر بالقول إنّ دعمَ التصديقِ على الصكوك القانونية المتعلقة بنزع السلاح والأمن النووي هو أحد أبرز مجالات عمل الاتحاد البرلماني الدولي. فنحن نعمل على إذكاء الوعي وتقديم المساعدة فيما يتعلق بالتصديق على معاهدات ومبادرات نزع السلاح وتنفيذها. وهنالك العديد من الأمثلة على أعضاء البرلمانات المتفانين ممن يُناصرون هذه القضية وممن يضطلعون بدور "مغيِّرين لقواعد اللعبة" فيما يخص ضمان التوقيع والتصديق على هذه الصكوك الدولية.

بَيْدَ أنه وللأسف غالباً ما يتم تجاهُل البرلمانات كجهات فاعلة تُسهِم في الانضمام العالمي إلى المعاهدات الدولية. وتُعدُّ البرلمانات الجهات المسؤولة عن التصديق على أي نص دولي وإدماجه ضمن القانون الوطني لتنفيذه تنفيذاً فعّالاً.

وقد أجرى الاتحاد البرلماني الدولي على مدى سنوات عديدة مناقشات بشأن المسألة النووية - سواء من حيث الاستخدام السلمي أو من منظور عدم الانتشار ونزع السلاح -كجزء أساسي مما يتخذه من إجراءات من أجل إحلال السلام والأمن الدولي وتحقيق التنمية، مع التركيز على أثر وأهمية الانضمام العالمي إلى الصكوك القانونية المتعلقة بالأمن النووي.

ومن بين أولى القرارات التي اتخذها الاتحاد البرلماني الدولي بشأن هذه المسألة قرارٌ اعتُمِد خلال المؤتمر البرلماني الدولي الحادي والتسعين في عام 1994 عنوانه The Importance of Adhering to the Obligations Specified in the Treaty on the Non-Proliferation of Nuclear Weapons ("أهمية التقيُّد بالالتزامات المنصوص عليها في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية").

وشهد عام 1995 اعتماد قرار تصدَّر النداءات إلى التبكير بإبرام معاهدة لحظر التجارب النووية تكون شاملةً حقًّا ويمكن التحقـّق منها دوليًّا. وتحقق ذلك في عام 1996، مع اعتماد معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية (CTBT).

ومنذ ذلك الحين، ظلَّ عدم الانتشار النووي ونزع السلاح النووي في صدارة جدول أعمال الاتحاد البرلماني الدولي، مع صدور قرارات وإعلانات رفيعة المستوى بشكل منتظم في هذا الصدد، تُوِّجت بقرار تاريخي اعتُمِد في عام 2014 بعنوان Towards a nuclear-weapon-free world: The contribution of parliaments ("نحو عالم خال من الأسلحة النووية: إسهام البرلمانات"). ويدعو هذا القرار البرلمانات إلى ضمان الامتثال التام لجميع أحكام معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وإلى تعزيز أمان جميع المواد النووية.

ويعمل الاتحاد البرلماني الدولي على رفع مستوى الوعي في أوساط البرلمانات الأعضاء فيه بشأن الحاجة إلى تنفيذ هذه الصكوك تنفيذاً كاملاً، بما في ذلك من خلال تنظيم الحلقات الدراسية الإقليمية في إطار قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1540. وتتيح هذه الفعاليات فرصة لتسليط الضوء على الحاجة الملحّة إلى وضع تدابير ملائمة وفعّالة من أجل حصر المواد النووية وتأمينها، ومواصلة هذه التدابير.

كما كُلّلت بالنجاح الحملات الموجَّهة المتعلقة بالصكوك الدولية ذات الصلة بالمجال النووي. فعلى سبيل المثال، أسهمَ الاتحاد البرلماني الدولي في معظم عمليات التصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية منذ عام 2019.

لماذا يعدُّ دور البرلمانيين مهماً فيما يتعلق بمواصلة الترويج للانضمام إلى الصكوك القانونية الدولية مثل اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية (CPPNM) وتعديلها؟

يمكن للدبلوماسية البرلمانية أن تساعد على إزالة العقبات الوطنية التي يمكن أن تشكل "عراقيل" أمام التوقيع والتصديق على الصكوك القانونية الدولية. وتؤدي البرلمانات أيضاً دوراً هامًّا فيما يتعلق بالإشراف على تنفيذ هذه الصكوك تنفيذاً كاملاً. ويدعم الاتحاد البرلماني الدولي البرلمانات الأعضاء فيه البالغ عددها 180 برلماناً من خلال إنشاء المنتديات بهدف تقاسم الخبرات، ومن خلال إبراز الفوائد والنجاحات التي تجلبها المعاهدات المتعلقة بعدم الانتشار والأمن النووي.

وهذا أمر مهمّ لأنه لا يوجد برلمان يريد أن يكون "الحلقة الضعيفة" - لا سيما وأنَّ البنية الأساسية الدولية الخاصة بالصكوك القانونية المتعلقة بعدم الانتشار والأمان النووي ونزع السلاح لا يمكن أن تكون فعّالة حقَّا إلا عندما تُنفَّذُ على الصعيد العالمي.

وفيما يتعلق باتفاقية الحماية المادية للمواد النووية وتعديلها، وبالنظر إلى الحقائق على أرض الواقع، يجب أن تكون البلدان مدركة لوجود إمكانية حقيقية لاستخدام أراضيها بهدف نقل مواد نووية غير مشروعة، مع مراعاة حقيقة أن البلدان المجاورة لها معرّضة بالقدر نفسه إلى هذا التهديد.

وفي الإطار المنشأ بموجب اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية، تُدرك البرلمانات أنها غير قادرة على معالجة هذه المسألة بمفردها، وأنَّها طالما لم تنجح في التعاون مع بعضها البعض، من غير الممكن ضمان أمان ناخبيها وغيرهم من الناخبين في البلدان المجاورة.

والبرلمانيون يُدركون جيداً أيضاً أنَّ المشكلات العالمية تتطلب حلولاً عالمية، وأن فرص تشكيل جبهة موحَّدة بشأن مسائل بمثل هذه الأهمية قلّما تكون متاحةً. وإنني مقتنعة بأنّه يمكن للأمم المتحدة، والوكالات المتخصصة مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمجتمع البرلماني العالمي ممثَّلاً في الاتحاد البرلماني الدولي أن تنجح في التصدي للتحديات المتعددة التي يواجهها عالمنا اليوم.

٢٠٢٤/٠٥
Vol. 65-1

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية