You are here

العلاج الإشعاعي على موجة الابتكار

Eleonora Colzani

يوضح هذا الشكل ورماً كبيراً ناجماً عن انتشار السرطان في البطن والحوض يخضع للتشعيع باستخدام العلاج الإشعاعي المجزَّأ مكانيًّا. وتمثل "الفقاعات" الحمراء جرعات إشعاعية عالية تقتل الخلايا السرطانية مباشرة. وتتأثر المناطق المحيطة بالفقاعات الحمراء في الدائرة الحمراء الأوسع بجرعات أقل، مما يثير استجابة مناعية تزيد من تدمير الورم.

(الصورة من: نايبي بيريز، معهد المكافحة الابتكارية للسرطان، الولايات المتحدة الأمريكية)

لطالما كان السرطان مصدر قلق للبشرية. فالأدلة على ذلك المرض واضحة في الحفريات والمومياوات، وهو حاضر في الكتابات التاريخية، ويمكن أن ينتقل من جيل إلى جيل. وتعود أقدم حالات السرطان المسجَّلة إلى مصر القديمة قبل أكثر من 3500 عام، وقد عُثِر على ورم خبيث على عظام ترجع لأحد أصابع القدم في حفرية بشرية عمرها 1.7 مليون سنة. واليوم، يعمل العلماء على تطوير أشكال جديدة من علاجات السرطان لمكافحة هذا المرض مثل العلاج الإشعاعي.

وينطوي العلاج الإشعاعي على توجيه الإشعاع المؤيِّن من مولِّدات الحزم أو المصادر المشعة لاستهداف الخلايا السرطانية وتدميرها. ومن أجل الحد من خطر إتلاف الأنسجة المحيطة السليمة، يجري العمل على تطوير تقنيات جديدة لتحسين دقة العلاج الإشعاعي.

واستناداً إلى موجة الابتكار التكنولوجي التي يشهدها القرن الحادي والعشرين، صارت لدينا أدوات وتقنيات مثل العلاج الإشعاعي الجسدي المجسَّم والعلاج الإشعاعي المجزَّأ مكانيًّا والذكاء الاصطناعي تجعل العلاجات أكثر فعالية وكفاءة مع آثار جانبية أقل.

 

العلاج الإشعاعي الجسدي المجسَّم

العلاج الإشعاعي الجسدي المجسَّم هو تقنية علاج متقدمة ناشئة تستهدف الأورام بدقة عالية وجرعات عالية جداً من الإشعاع. وتحد هذه الطريقة في الاستهداف من التأثير في الأنسجة المحيطة السليمة، مما يقلل من احتمال حدوث آثار جانبية. وعلى هذا النحو، فهي توفر علاجاً يمكن أن يؤدي للشفاء أو بديلاً علاجيًّا قيِّماً للعديد من أنواع الأورام، بما في ذلك أورام الرئتين والكبد والدماغ والبنكرياس.

وتساعد الوكالة على تنفيذ هذه التقنية العلاجية في عدة بلدان من خلال مشاريع بحثية منسقة ومشاريع للتعاون التقني. ويشمل ذلك مشروعاً مكرَّساً لدراسة مدى فعالية العلاج الإشعاعي الجسدي المجسَّم في حالات سرطان الخلايا الكبدية التي لا يمكن إخضاعها للجراحة - وهو النوع الأكثر شيوعاً من سرطان الكبد ويأتي في المرتبة السادسة بين أنواع السرطانات الأكثر شيوعاً.

وقالت ليزبيث كورديرو، وهي أخصائية في مجال العلاج الإشعاعي للأورام في الوكالة ومشاركة في المشاريع المعنية بالعلاج الإشعاعي الجسدي المجسَّم: "نتوقع أن نتائج هذا المشروع سوف تؤثر في المعايير العلاجية الحالية وستكون ذات أهمية خاصة للبلدان النامية".

العلاج الإشعاعي المجزَّأ مكانيًّا

العلاج الإشعاعي المجزَّأ مكانيًّا هو تقنية للعلاج الإشعاعي تسمح بإعطاء جرعات عالية نسبيًّا وإنما متفاوتة من الإشعاعات على نطاق ورم كبير، مع حماية الأعضاء المحيطة السليمة. والعلاج الإشعاعي الشبكي هو أحد تقنيات العلاج الإشعاعي المجزَّأ مكانيًّا، تُستخدم فيه كتلة مادية بها ثقوب صغيرة تسمح بأن يتلقى الورم مزيجاً من جرعات عالية ومنخفضة من الإشعاع. والعلاج الإشعاعي المتعدد الأبعاد هو تقنية أخرى تحقق تأثيراً مشابهاً باستخدام نموذج حاسوبي.

وقالت كورديرو: "تشير الأبحاث إلى معدل استجابة ممتاز عند تطبيق العلاج الإشعاعي المجزَّأ مكانيًّا على الأورام الكبيرة الحجم. وفي حين أنَّ العلاج الإشعاعي المجزَّأ مكانيًّا يُستخدم منذ فترة، فقد صارت التطورات التكنولوجية الآن تكفل قدراً أكبر كثيراً من الأمان في تطبيق تقنيات العلاج الإشعاعي من هذا القبيل".

وفي نيسان/أبريل 2020، استهلَّت الوكالة مشروعاً بحثيًّا منسقاً بشأن فعالية العلاج الإشعاعي المجزَّأ مكانيًّا في العلاج التسكيني لسرطانات الرئة وعنق الرحم. ويبحث المشروع استخدام العلاج الإشعاعي المجزَّأ مكانيًّا في تحسين استجابة المرضى للعلاج الإشعاعي التسكيني – أي العلاج الذي يخفِّف من شدة الأعراض التي يعاني منها المرضى ويؤخِّر تقدُّم المرض.

الذكاء الاصطناعي في العلاج الإشعاعي

ُعدُّ تطبيق الذكاء الاصطناعي من الأمثلة الأخرى المهمة لكيفية تزايد الابتكار في العلاج الإشعاعي. والأدوات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لديها القدرة على تحسين كفاءة العلاج الإشعاعي ودقته وتوكيد جودته. ويمكن تطبيق هذه الأدوات في جميع مراحل تقديم الرعاية للمريض، من التشخيص إلى العلاج والمتابعة، مما يؤدي إلى تحسينات غير مسبوقة على الأتمتة.

وقال يان سوينتينس، رئيس قسم الفيزياء الطبية في مركز الأميرة مارغريت للسرطان في كندا: "في مجال الرعاية الصحية، دخل الذكاء الاصطناعي بالفعل في مجموعة متنوعة من المجالات الفرعية، بما في ذلك الكشف عن الأمراض. ويشمل ذلك التصوير الطبي وعلم الأمراض الرقمي، وتحقيق المستوى الأمثل في الخدمات اللوجستية للرعاية الصحية وعلاجات السرطان".

وقال كمال أكبروف، أخصائي العلاج الإشعاعي للأورام في الوكالة، إنَّ الطريق إلى التنفيذ الإكلينيكي لأدوات الذكاء الاصطناعي ليس خاليًّا من العقبات. وأوضح أنَّ العديد من التحديات لا تزال تنتظرنا، تاركة العديد من أدوات الذكاء الاصطناعي في مرحلة إثبات المفهوم وبعيدة عن الاعتماد الإكلينيكي. ومع ذلك، تشير الدراسات الحالية والاهتمام المتزايد من جانب البائعين التجاريين إلى إمكانات استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في العلاج الإشعاعي. وعقدت الوكالة اجتماعاً للخبراء في تشرين الأول/أكتوبر 2021 لمناقشة النُهُج القائمة على الذكاء الاصطناعي في التكنولوجيات النووية، بما في ذلك العلاج الإشعاعي.

وعلاوة على ذلك، من المقرَّر أن يبدأ في عام 2022 مشروع مشترك بين الوكالة والجمعية الأوروبية للعلاج الإشعاعي ودراسة الأورام بشأن مهارات تحديد معالم العلاج الإشعاعي في البيئات الإكلينيكية التي يهيئها الذكاء الاصطناعي. وسينظر المشروع فيما إذا كان الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد على إعادة توزيع عبء العمل الواقع على القوى العاملة في المجال الصحي من خلال التمكين من التخطيط للعلاج بسرعة أكبر.

٢٠٢٢/٠٢
Vol. 63-1

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية