وتيرة الابتكارات الرقمية مذهلة، فنحن أمام تكنولوجيات، مثل الذكاء الاصطناعي، تخطو خطواتٍ واسعة باتت تغيّر قواعد اللعبة حتى في غضون الأشهر القليلة الماضية. وستساعدنا هذه التطورات على تحسين العمليات التشغيلية التي يتمّ التحكم بها رقميًّا وتكنولوجيات الأتمتة في المرافق النووية، وما لذلك من فوائد محتملة على صعيد تحسين الكفاءة التشغيلية، وخفض تكاليف العمالة، وتحسين الأمان والأمن.
وبالفعل تتضمن تصاميم المفاعلات النووية المتقدمة، مثل المفاعلات النمطية الصغيرة والمفاعلات الصّغرية، خططاً لاستخدام الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي لتمكين ميزات مبتكرة مثل الأتمتة، والتحكم الإشرافي والصيانة عن بُعد، وغرف التحكم المشتركة. لكن الابتكارات الرقمية، مثل الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي، تنطوي أيضاً على تهديدات. وهي تستلزم اليقظة الدائمة لضمان سلامة الأصول الحسّاسة وحماية المعلومات في المرافق النووية والإشعاعية.
ولطالما استُخدمت البوابات والحرّاس لضمان حماية المرافق النووية من التخريب أو الجهات الفاعلة الخبيثة، إلا أننا أصبحنا اليوم نعتمد بشكل متزايد على النُّظم الرقمية. وتُستخدم نُظم الأجهزة والتحكم في المرافق النووية في تطبيقات الأمان والأمن الرئيسية. ومن شأن ذلك أن يحسّن الكفاءة، إلا أنّ علينا أن نكون متيقظين بشدة في حماية الأمن الحاسوبي. وتدرك البلدان في جميع أنحاء العالم أولوية مثل هذا الأمر.
وتضطلع الوكالة بدور فريد في ترسيخ التعاون فيما بين البلدان وتمكين عملية تقاسُم الدراية التكنولوجية وأفضل الممارسات في اعتماد التكنولوجيات السريعة التطور. وفي الوقت نفسه، نقوم بإسداء المشورة للبلدان عن كيفية الحدّ إلى أدنى مستوى ممكن من مواطِن الضعف المحتملة المصاحبة التي تؤثر في الأمن الحاسوبي والتخفيف من أثرها. وفي العامين الماضيين فحسب، زادت أنشطتنا العالمية للمساعدة في مجال الأمن الحاسوبي بأكثر من الرُّبع، مع التركيز بشكل خاص على الدعم على المستوى الوطني للوائح/عمليات التفتيش المتعلقة بالأمن الحاسوبي وتمارين الأمن الحاسوبي.
وما فتئت الوكالة تتصدّى لتحديات الأمن النووي التي تواجهها دولها الأعضاء بمجموعة من الأنشطة، بما في ذلك من خلال توفير الوثائق الإرشادية والتدريبات التي تمكّنها من وضع برامج وطنية متينة في مجال أمن المعلومات والأمن الحاسوبي. وتُستخدم هذه الإرشادات أيضاً كمعيار لتقييم برنامج أمن المعلومات والأمن الحاسوبي في بلد ما خلال الخدمة الاستشارية الدولية الخاصة بالحماية المادية، المعروفة باسم الخدمة الاستشارية IPPAS.
وبالإضافة إلى ذلك، نحن بصدد إطلاق دورة دراسية لتدريب الخبراء على وَضْع اللوائح المتعلقة بالأمن الحاسوبي. وقريباً سيتمكن عدد أكبر من البلدان من الوصول إلى الدورات التدريبية التي تنظّمها الوكالة في مجال الأمن الحاسوبي من خلال إطلاق منصة تعلُّم إلكترونية افتراضية.
وفي موازاة ذلك، تدعم الوكالة التمارين الوطنية والإقليمية المتعلقة بالأمن الحاسوبي والتي من شأنها أن تزيد الوعي بخطر الهجمات السيبرانية وتأثيرها المحتمل على الأمن النووي. ونحن نعزز التعاون فيما بين الخبراء الدوليين وصانعي السياسات ونمكّن البحوث المصاحبة.
ومن المتوقع أن تنمو أنشطة الوكالة في مجال الأمن الحاسوبي، مع تزايد لجوء البلدان، بما فيها البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، إلى التكنولوجيا النووية للوفاء بأولوياتها، بما في ذلك في مجال الطاقة النظيفة، ورعاية مرضى السرطان، والتغذية، والبحوث.
وخلال المؤتمر الدولي المعني بالأمن الحاسوبي في العالم النووي: الأمن من أجل الأمان، سنلتئم لمناقشة أبرز القضايا والحلول ورسم خريطة طريق للمُضيّ إلى الأمام، ما يمكّن القطاع النووي من تحقيق الاستفادة القصوى من الابتكارات الرقمية مع التفوّق في الوقت نفسه على كلّ مَن قد يستخدمها لإلحاق الضرر.