استخدام البيانات الضخمة لمنع الجوائح
مرصد زودياك لأنماط أمراض الجهاز التنفسي
Enrique Estrada Lobato, Mary Albon

مجموعة من الأطباء الشباب في المعهد الوطني للسرطان في المكسيك يعملون على تحليل الأنماط المختلفة في الصور الإشعاعية المأخوذة بتقنية CT لمريض مصاب بكوفيد-19. (الصورة من: المعهد الوطني للسرطان في المكسيك)
يصاب نحو 2,6 مليار شخص كل عام بأمراض حيوانية المصدر. وبغية منع وقوع الجوائح، لابد من الكشف عن الأمراض الحيوانية المصدر وتحديد خصائصها قبل تفشي المرض، أو في مرحلة مبكرة من انتشاره.
وفي إطار المبادرة التي أطلقتها الوكالة في عام 2020 بعنوان العمل المتكامل لمكافحة الأمراض الحيوانية المصدر (مبادرة زودياك) ، سيعمل مرصد زودياك لأنماط أمراض الجهاز التنفسي على إنشاء مستودع آمن للصور الطبية بهدف تعزيز التعاون العالمي على إجراء تحليل واسع النطاق لبيانات أنماط الأمراض، بما يتيح الكشف المبكر عن الأمراض الحيوانية المصدر التي يمكن أن تفضي إلى جوائح.
وسيستخدم المرصد تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك التعلم الآلي والتعلم العميق، لتحديد أنماط أمراض الجهاز التنفسي، مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) وكوفيد-19 والالتهاب الرئوي، واكتشاف ظهور الأشكال المستجدة من هذه الأمراض.
وقال البروفيسور جورج لانغس، رئيس مختبر بحوث التصوير الحاسوبي في جامعة فيينا الطبية، وأحد المختبرات الأساسية المشاركة في المشروع: "سيضطلع مرصد زودياك لأنماط أمراض الجهاز التنفسي التابع للوكالة بدور مهم في اكتشاف ظهور الأمراض المعدية المستجدة حول العالم ورصد انتشارها، وفي تيسير الإسراع بتطوير نماذج قائمة على الذكاء الاصطناعي لدعم علاج تلك الأمراض". ولأن المرصد يعمل بالتعاون مع مؤسسات بحثية في أنحاء مختلفة من العالم، ستُتاح له إمكانية تحليل البيانات المتعلقة بأمراض الجهاز التنفسي على نطاق أكبر بكثير وأكثر تنوعاً من الناحية الديموغرافية مقارنة بالدراسات السابقة".
التصوير الطبي والبيانات الضخمة
يؤدي التصوير الطبي دوراً حاسم الأهمية في تشخيص الأمراض المعدية ورصدها. بيد أن الصور يمكن أن تكون على درجة عالية من التعقيد تجعل من تحليلها أمراً صعباً.
وسيستخدم مرصد زودياك لأنماط أمراض الجهاز التنفسي أسلوب الراديوميات (radiomics)، وهو أسلوب لاستخلاص كميات كبيرة من البيانات، أو بيانات ضخمة، من الصور المستخدمة في دراسات التصوير الطبي. ويقوم هذا الأسلوب على استخدام خوارزميات توصيف البيانات لاستخلاص استنتاجات بشأن الإصابة بالأمراض، مما يزيد من دقة التشخيص ويساعد على تخطيط العلاج بمراعاة احتياجات كل مريض على حدة.
ويمكن الاستعانة بالذكاء الاصطناعي ليؤدي دوراً مكملاً للراديوميات في التعرف على أنماط الأمراض والاختلالات في كميات كبيرة من البيانات. ويمكن أيضا استخدام هذه التقنيات لتحديد أنماط الأمراض الناشئة، وهو ما يمكن أن يساعد على منع تفشي الأمراض المستجدة قبل تطورها إلى جوائح.
مرصد زودياك لأنماط أمراض الجهاز التنفسي
في السنتين الأوليين، سيعمل المرصد على إنشاء مستودع للصور الطبية لاستخدامها في وضع خوارزميات لتحليل بيانات الصور والتحقق من صحتها. وسيجري المرصد تقييماً للدراسات التي أُجريت في 20 مؤسسة بحثية حول العالم، وسيتيح للأفرقة البحثية دراسة وتطوير أساليب جديدة قائمة على الذكاء الاصطناعي. وبالاستعانة بالذكاء الاصطناعي، سيكفل المرصد مراقبة الأمراض الناشئة تلقائياً، بحيث يُطلق إنذاراً حين تكتشف الخوارزميات نمطاً جديداً. وسيمكِّن المرصد من إخضاع البيانات الواردة للمقارنة والتقييم سريعاً من أجل التعرف على حالات نشوء الأمراض الجديدة التي يمكن أن تتطور إلى جوائح وضمان التصدي لها في الوقت المناسب.
وسيعمل المرصد أيضاً على تحليل البيانات الديموغرافية للأمراض المعدية الجديدة التي تصيب الجهاز التنفسي. ومن خلال توصيف الأمراض وبيان مظاهرها المحددة في الصور الطبية، يمكن للمرصد أن يساعد على الوقوف على أي اختلافات إكلينيكية في تطور مضاعفات المرض، على أساس عوامل مثل السن ونوع الجنس والانتماء العرقي أو الإثني والمنطقة الجغرافية والحالات الطبية الموجودة سلفاً.
وقد جاء إنشاء مرصد زودياك لأنماط أمراض الجهاز التنفسي من خلال مشروع بحثي منسق تابع للوكالة، وهو يحظى بدعم مجموعة متعددة من الجهات الشريكة التي تزوده بالموارد والأدوات، كلٌّ في مجال عملها.
ومن بين كبار داعمي المشروع، قدَّمت شركة Amazon Web Services (شركة AWS) منحة لتوفير خادم سحابي لدعم المرصد، وذلك في إطار برنامج Grand Challenges (التحديات الكبرى) التابع لها.
وقال السيد كريس روس، كبير مهندسي الحلول في شركة AWS: "إننا نرى في هذه المنحة استثماراً مهماً في جهود الوقاية الرامية للإسهام في حماية الصحة البشرية على مستوى العالم. وبالاستفادة من الحوسبة السحابية، يمكن لمرصد زودياك التابع للوكالة أن يكتشف الجوائح الناشئة على الفور ويلفت انتباه الحكومات لاتخاذ الإجراءات اللازمة".
وبالإضافة إلى المساهمة المقدمة من شركة AWS، يشمل الدعم العيني للمرصد اضطلاع المركز الطبي في جامعة رادباود بإدارة قواعد البيانات وتوفير المكونات؛ وقيام معهد فراونهوفر للطب الرقمي بتنظيم العمليات الخلفية وإعداد الواجهة الشبكية؛ ودعم شركة Contextflow GmbH لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي لتحديد أنماط الأمراض؛ وتقديم جامعة فيينا الطبية للخبرات العلمية والطبية. وتشمل المؤسسات البحثية المشاركة مستشفيات في 19 بلداً. ويتلقى المشروع الدعم أيضاً من جمهورية كوريا.
وقالت السيدة نجاة مختار، نائبة المدير العام للوكالة ورئيسة إدارة العلوم والتطبيقات النووية: "سيعمل مرصد زودياك على نطاق عالمي، ولذلك فإننا نعوِّل على التعاون والدعم من شركائنا في قطاعي العلوم والصناعة حول العالم. ومن خلال العمل معاً، وتبادل البيانات والخبرات، يمكننا تعزيز قدرة البلدان على التصدي بسرعة وفعالية أكبر للأمراض الناشئة ومنع تطورها إلى جوائح جديدة".