You are here

التعاون في مجال المياه العابرة للحدود يحدث تأثيراً مضاعفاً في جنوب شرق أوروبا

Mary Albon

جمع عينات المياه من نبع مؤقت يصب فيه مستودع المياه الجوفية الكارستية أوكو-بيلا غورا. (الصورة: ب. يولوفيتش)

تشكل البوسنة والهرسك والجبل الأسود جزءاً من تضاريس الكارست بجبال دينارا، وهي منطقة من الجبال الجيرية المذهلة التي تضم عدداً لا يحصى من الكهوف والحُفر البالوعية والينابيع والجداول الجوفية التي تمتد على طول ساحل البحر الأدرياتيكي.

والكارست هي بيئة جيولوجية معقدة تشكلها المياه، وتؤدي إلى تآكل الصخور اللينة وذوبانها. وبما أنَّ الحجر الجيري كثير المسام والثقب، فإن المياه السطحية لا تتجمع في التضاريس الطبيعية الكارستية — بل تتسرب، بدلا من ذلك، عبر الصخور لتشكيل مستودعات المياه الجوفية.

وتتقاسم البوسنة والهرسك والجبل الأسود مستودع المياه الجوفية الكارستية أوكو-بيلا غورا، الذي يمتد على الحدود بين البلدين ويغطي نحو 1800 كيلومتر مربع. وتمثل مستودعات المياه الجوفية الكارستية مفتاح الحفاظ على البيئة الطبيعية وهي مصدر مهم لمياه الشرب والمياه المستخدمة للزراعة والصناعة وتوليد الكهرباء. ويعتمد أكثر من ربع سكان العالم على المياه الواردة من مستودعات المياه الجوفية الكارستية. ومع ذلك، فإن مساميتها تجعلها عرضة للتلوث والتأثيرات الناتجة عن تغير المناخ.

استخدام النظائر لفك شفرة مستودعات المياه الجوفية الكارستية

وحتى وقت قريب، لم يكن لدى أي من البلدين فهم جيد للظروف الهيدرولوجية لمستودعاتهما من المياه الجوفية. وفي عام 2020، انضم البَلَدان إلى 25 بلدا آخر في مختلف أنحاء أوروبا وآسيا الوسطى للمشاركة في مشروع إقليمي للتعاون التقني للوكالة من أجل دراسة كيفية تأثير تغير المناخ في موارد المياه الجوفية. وتمثل هدف المشروع في تدريب متخصصين في مجال المياه على أحدث التقنيات لأخذ عينات المياه وتحليلها، وحساب معدلات تجدّدها، وإعداد نماذج للدورات الهيدرولوجية الإقليمية. ومن خلال المنح الدراسية والزيارات العلمية والاجتماعات الإقليمية، عمَّق المشاركون معارفهم بشأن سيناريوهات تغير المناخ وشكلوا شبكة إقليمية من خبراء يتوفرون على المهارات والمعدات اللازمة لرصد وتقييم الموارد المائية باستخدام الهيدرولوجيا النظيرية.

وعمل أخصائيون في الهيدرولوجيا من البوسنة والهرسك والجبل الأسود معا لإعداد أول نموذج مفاهيمي لمستودع المياه الجوفية الكارستية أوكو-بيلا غورا. وقدمت الوكالة المعدات والإمدادات اللازمة للعمل الميداني والتحليل المختبري، كما نظَّمت دورات تدريبية في مجال تحليل النظائر. وجمع العلماء عينات من مياه الأمطار والمياه الجوفية والسطحية، واستخدموا مهاراتهم المكتسبة حديثا في التحليل النظيري لدراسة العوامل التي تؤثر في استدامة مستودع المياه الجوفية، بما في ذلك استخدامها كمصدر لمياه الشرب ولتوليد الطاقة الكهرمائية.

وأتاح دمج هذه النتائج مع البيانات الهيدرولوجية وبيانات الأرصاد الجوية التاريخية للباحثين تحديد ظروف تجدد مستودع المياه الجوفية. وبفضل هذه المعارف الجديدة، اضطلعوا بإعداد نماذج وخرائط لتحديد مناطق تجدد المياه الجوفية واستكشفوا كيفية تأثير المياه السطحية في الدورة الهيدروجيولوجية لمستودع المياه الجوفية. وتوفر هذه المعلومات مخططا لسياسة من سياسات إدارة الموارد المائية التي من شأنها أن تساعد كلا البلدين على حماية مستودع المياه الجوفية المشترك بينهما.

وقال السيد أوروش يوروسيفيتش، رئيس إدارة نظم المعلومات الجغرافية في هيئة المسح الجيولوجي لجمهورية صربسكا في البوسنة والهرسك: "لقد حدد تنفيذ هذا المشروع اتجاها واضحا لإرشاد تصميم البحوث المستقبلية في مجال إدارة بحوث المياه وتغير المناخ."

وكان هذا أول مشروع يستخدم التقنيات النظيرية لدراسة إدارة المياه الجوفية والسطحية العابرة للحدود في المنطقة. وأثبت المشروع أن الهيدرولوجيا النظيرية أداة هامة لدراسة مستودعات المياه الجوفية الكارستية.

 وقال السيد دراغان رادوييفيتش، رئيس قسم الهيدروجيولوجيا والتحقيقات الجيوتقنية في هيئة المسح الجيولوجي للجبل الأسود: "إن العمل مع الزملاء من المنطقة يعزز التفاهم المتبادل ويدعم الإدارة المستدامة لهذا النظام الكارستي الهش."

التعاون العابر للحدود

يتقاسم أكثر من 150 بلدا موارد مائية عابرة للحدود، تمثل 60% من التدفقات العالمية للمياه العذبة.

وأظهرت تجربة البوسنة والهرسك والجبل الأسود، فضلا عن تجارب المشاركين الآخرين في مشروع الوكالة، أن التعاون الإقليمي أساسي لقدرة المياه العابرة للحدود على الصمود في مناخ متغير واستدامتها.

وقالت السيدة نجاة مختار، نائبة المدير العام ورئيسة إدارة العلوم والتطبيقات النووية: "من شأن التعاون بشأن الموارد المائية المشتركة أن يحسِّن إدارة المياه. ويمكن كذلك أن يمهد الطريق للتعاون في قطاعات أخرى."

وتواصل البوسنة والهرسك والجبل الأسود عملهما المشترك بشأن مستودع المياه الجوفية الكارستية أوكو-بيلا غورا من خلال مشروع إقليمي جديد للتعاون التقني للوكالة من أجل تعزيز القدرات الوطنية للهيدرولوجيا النظيرية ودعم إدارة المياه استنادا إلى الأدلة.

وقالت السيدة سيبل أونلو، إحدى المسؤولات في برنامج التعاون التقني للوكالة: "الهدف هو ترجمة المعارف العلمية إلى سياسات عملية تعزز إدارة المياه، وهو أمر مهم بشكل خاص بالنسبة للموارد المائية المشتركة وفي ضوء تغير المناخ." وأضافت قائلة: "يؤدي تحسين إدارة المياه العابرة للحدود بدوره إلى تعزيز إدارة الموارد المائية."

٢٠٢٥/٠٩
Vol. 66-3

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية