You are here

العلماء يدرسون "الأنهار الخفية" لإدارة الظواهر الجوية القصوى وندرة المياه

Katrina Vargas

مثلما تتدفق الأنهار عبر الأرض، لتعزيز قدرات المجتمعات المحلية وتوفير سبل العيش والتنوع البيولوجي، تتدفق "الأنهار الخفية" فوقنا، حاملة بخار ماء يفوق في كمياته ما تحمله جميع الأنهار على الأرض مجتمعة. وتُحدث هذه المسارات الرطبة — المعروفة باسم الأنهار الجوية — تأثيراً هائلاً في أنماط الطقس وهطول الأمطار على مستوى العالم. 

ويؤثر تغير المناخ والأنشطة البشرية في سلوك الأنهار الجوية، مما يغير مساراتها ويسبب ظواهر جوية قصوى مثل الفيضانات والعواصف والجفاف. ويمكن أن تساعدنا دراسة النظائر في فهم الأنهار الجوية وفي تعقبها، وبالتالي تحسين التنبؤات الجوية والتنبؤات بالظواهر الجوية القصوى.

ما هي الأنهار الجوية؟

الأنهار الجوية هي أحزمة طبيعية من بخار الماء المركز بطول آلاف الكيلومترات تمر عبر الغلاف الجوي للأرض. وتتشكل هذه الأنهار عندما تُبخِّر الحرارة الشديدة للشمس مياه المحيطات على طول خط الاستواء. وتحمل الرياح بخار الماء نحو القطبين، مكوِّنة "أنهارا في السماء"، لا ترتفع عادةً عن 3000 متر فوق سطح الأرض — أي حوالي ثلث ارتفاع جبل إيفرست. وعندما تقترب الأنهار الجوية من السواحل تُدفع نحو الأعلى، وعندما تقترب من الجبال تطلق الرطوبة في شكل أمطار وثلوج.

وتوفر الأنهار الجوية المياه العذبة الحيوية لمناطق كثيرة في العالم، خاصة في المناطق الساحلية. وفي كاليفورنيا، على الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية، تمثل الأنهار الجوية مصدر حوالي نصف كميات الأمطار السنوية، حيث تملأ الخزانات وتدعم المزارعين. كما أنها تمثل ما بين 30% و60% من الأمطار السنوية التي تهطل على سواحل شرق الصين وشبه الجزيرة الكورية وغرب اليابان.

الضغوط الناشئة عن تغير المناخ

مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، يتراكم المزيد من الرطوبة في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى هطول أمطار أكثر كثافة وتواترا تصدر من الأنهار الجوية. وهذه الظاهرة مسؤولة عن أكثر من 80% من الأمطار الغزيرة التي تهطل في العديد من المناطق الساحلية في شرق آسيا.

وقالت السيدة جولي كالانسكي، نائبة مدير مركز الظواهر الجوية والمائية المتطرفة في الغرب في معهد سكريبس لعلوم المحيطات: "في ظل ارتفاع درجة حرارة المناخ، أصبحت الظواهر الجوية المتطرفة أكثر حدة، كما أنَّ العديد منها يحدث بسبب الأنهار الجوية."

وفي الوقت نفسه، تتحرك الأنهار الجوية بعيدا عن خط الاستواء نحو القطبين. وقد أصبحت أقل تواترا في المناطق شبه الاستوائية، التي تواجه الآن انخفاضا في إمدادات المياه والجفاف، في حين تشهد أماكن مثل شمال غرب المحيط الهادئ وأوروبا والقطب الشمالي هطول أمطار غزيرة وفيضانات.

دور النظائر

قالت السيدة كالانسكي: "تتباين الأنهار الجوية تبايناً شديداً من سنة إلى أخرى، مما يُصعِّب التنبؤ بكمية الأمطار التي ستهطل علينا في كل عام." وأضافت: "تشكل عدم القدرة على التنبؤ بهطول الأمطار الموسمية تحديات كبيرة لإدارة إمدادات المياه."

ويستخدم العلماء النظائر المستقرة — وهي أشكال غير مشعة من الذرات — لدراسة كيفية تأثير تغير المناخ في الأنهار الجوية. وتَتبع هذه التقنيات مصدر بخار المياه، والمسافة التي يقطعها عبر الغلاف الجوي، ومكان نزوله في شكل أمطار، وكيفية تفاعله مع الدورة الهيدرولوجية. ويمكن استخدام هذه المعلومات للتنبؤ بالظواهر الجوية القصوى والحد من تأثيرها، وتحديد مخاطر الفيضانات، وإدارة الموارد المائية، ولا سيما أثناء الجفاف.

ويضطلع مشروع بحثي منسق جديد تابع للوكالة بدمج مقتفيات نظيرية في النماذج الهيدرولوجية والمناخية لتعقُّب ومحاكاة كيفية تحرك مختلف أشكال المياه وتغيُّرها على امتداد الدورة الهيدرولوجية.

وقالت السيدة جودي ميلر، رئيسة قسم الهيدرولوجيا النظيرية في الوكالة: "من شأن البيانات التي سنجمعها من خلال المشروع البحثي أن تساعد في تقييم المخاطر المتزايدة للفيضانات وحالات الجفاف وندرة المياه." وأضافت: "ويمكنها أيضا أن تساعد البلدان على وضع استراتيجيات للتخفيف من المخاطر وتحسين إدارة المياه وتعزيز القدرة على الصمود أمام تحديات المناخ."

وقال السيد كي يوشيمورا، وهو أستاذ في معهد العلوم الصناعية في جامعة طوكيو، وهو مشارك في المشروع: "نحن نستخدم البيانات المتعلقة بنظائر بخار الماء لتحسين دقة التنبؤات الجوية." وأضاف: "ستساعد البيانات النظيرية المفيدة بشكل خاص في خطوط العرض الوسطى على تحسين دقة التنبؤ بانتقال الرطوبة وأنماط هطول الأمطار المرتبطة بالأنهار الجوية."

ويستند المشروع إلى 65 عاما من البيانات المستمدة من الشبكة العالمية لاستخدام النظائر في دراسة الأمطار، التي تتعقب هطول الأمطار في أكثر من 1000 محطة رصد في جميع أنحاء العالم. ويمكن استخدام بيانات هذه الشبكة لتحليل منشأ الأنهار الجوية ومساراتها وأنماط هطول الأمطار الناتجة عنها، مما يوفر رؤى عن تغير سلوكها في مناخ يتسم بارتفاع درجة الحرارة.

٢٠٢٥/٠٩
Vol. 66-3

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية