You are here

التغلب على الجوانب المجهولة في كوفيد-١٩

Nicole Jawerth

ما فتئ عدد لا يعد ولا يحصى من الأطباء والعلماء وصناع القرار يرددون عبارة "لا نعرف" في خضم جائحة كوفيد-١٩ التي يشهدها العالم. فقد عصف بالعالم الفيروس المسبب لكوفيد-١٩، وهو أحد فيروسات كورونا التي لم تكن معروفة من قبل، وطرح أسئلة وفرض تحديات جديدة ما انفك المهنيون الصحيون يحاولون الإجابة عنها والتغلب عليها  بفضل الدعم المقدم من الوكالة إلى كثير منهم.

 تقول مي عبد الوهاب، مديرة شعبة الصحة البشرية بالوكالة: "كل يوم، في ظل ظهور أعراض ومضاعفات جديدة باستمرار، يتطور فهمنا للأمر".  وتمضي قائلة: "ما برحت التطورات السريعة التي تشهدها الجائحة تفرض على  مراكز الأشعة والطب النووي والعلاج الإشعاعي في جميع أنحاء العالم تحديات متعاقبة تتمثل في مواصلة انتشار الإصابة بالعدوى، والتزايد الكبير في معدلات دخول المستشفيات، وتحميل العيادات فوق طاقتها، والنقص في أعداد العاملين والمعدات. ولهذا، فثمة حاجة ملحة إلى صدور إرشادات تتناول التغييرات الحادثة على المستويات كافة."

"خلال الحلقة الدراسية التي نظمتها الوكالة، كانت لدينا فرصة للتعلم مباشرة من كبار الخبراء وغيرهم من المهنيين الصحيين الذين ما كان لنا أن نتواصل معهم مباشرة لولا تلك الحلقة."
- جاسمنيكا تشابوكوفسكا-رادولوفسكا، اختصاصية الأشعة في مقدونيا الشمالية

وعندما بدأت الجائحة في التفشي في وقت مبكر من عام ٢٠٢٠، سارعت الوكالة بالإقرار بالحاجة إلى إصدار إرشادات وتوفير معلومات تتعلق بكوفيد-١٩ وكيفية مواصلة تقديم خدمات الطب الإشعاعي الأساسية، من قبيل الطب النووي والأشعة والعلاج الإشعاعي، علاوةً على الوقاية من الإشعاعات وإنتاج النظائر المشعة، أثناء الجائحة وفي ظل ما تفرضه من ظروف خاصة.

وتواصل مي عبد الوهاب قائلة: "لمَّا كان كوفيد-١٩ مرضا جديدا والمعرفة  به  محدودة، فإن جائحته يلفها الكثير من أوجه عدم اليقين." وتستطرد قائلة: "يلزم التعجيل بتعديل الممارسات الطبية الروتينية من أجل فرز المرضى قبل تنفيذ مختلف الإجراءات ومن أجل الحد من انتشار العدوى بين المرضى والعاملين في مجال الرعاية الصحية، لكن المعلومات المتعلقة بكيفية العمل في هذا النوع من البيئات التي تشهد تفشي جائحة مثل هذه لا تزال محدودة. وبعض هذه التغييرات في الممارسات التي نراها الآن قد يستمر تنفيذها بعد الجائحة، وعلى المرجح أن تظل تنَّفذ على المدى الطويل".

وفي آذار/مارس ٢٠٢٠، أطلقت الوكالة، مسارعةً منها بالمشاركة في تبادل المعلومات على الصعيد العالمي، سلسلةً من الحلقات الدراسية الشبكية المتعددة اللغات ضمت عددا من الخبراء والمهنيين الصحيين ذائعي الصيت، واجتذبت، حتى حزيران/يونيه ٢٠٢٠، ما يقرب من ١٠٠٠٠ مشاهدة مباشرة. وركزت الحلقات الدراسية، التي عقدت بالتعاون مع مختلف المؤسسات، على ما يتصل بجائحة كوفيد-١٩ من المواضيع التالية: عمليات أقسام الطب النووي؛ ودور علم الأشعة في مكافحة هذا المرض؛ وتأهب أقسام العلاج الإشعاعي؛ وبروتوكولات مسح الصدر بالتصوير المقطعي الحاسوبي للكشف عن الإصابة بمرض كوفيد-١٩ من عدمه والوصول بجرعاته إلى المستوى الأمثل؛ وسلاسل توريد النظائر المشعّة الطبية والمستحضرات الصيدلانية الإشعاعية؛ وتعقيم المعدات الوقائية الشخصية بالتشعيع؛ والتفاعل البوليميري المتسلسل بواسطة الاستنساخ العكسي للكشف عن الفيروس المسبب لكوفيد-١٩؛ ووقاية العاملين الصحيين من الإشعاعات؛ والخدمات التقنية الفعالة اللازمة لرصد حالة الأفراد.

يقول ستيفانو فانتي، أحد المتكلمين في العديد من حلقات الوكالة الدراسية الشبكية، ومدير شعبة الطب النووي في مستوصف سانت أورسولا-مالبيغي التابع لهيئة مستشفى جامعة بولونيا في بولونيا بإيطاليا، الذي يقع في واحدة من أكثر مناطق أوروبا إصابةً بمرض كوفيد-١٩: "خلال هذه الأوقات الصعبة، كنا في حاجة إلى الإرشادات المتعلقة بكيفية العمل وكيفية الاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية في الوقت الذي نحمي أيضا جميع موظفينا ومرضانا في ظل محدودية المعلومات التي كان كثير منها من منظور وطني فحسب". ويضيف قائلا: "كانت المعلومات التي أدلى بها خبراء من جميع أنحاء العالم خلال هذه الحلقات الدراسية مفيدة للغاية لأنها وفرت منظورا عالميا للجائحة." ووفرت الحلقات أيضا إرشادات مفيدة في بناء الثقة تناولت كيفية المضي قدما بعد تخفيف قيود الإغلاق."

بل كانت الحلقات، من منظور كثير من المهنيين الصحيين، وسيلة مهمة للتواصل مع الخبراء والتعلم منهم، وكذلك للتوصل إلى فهم لكيفية التعامل مع الوضع الجديد.

 تقول جاسمنيكا تشابوكوفسكا-رادولوفسكا، اختصاصية الأشعة في مقدونيا الشمالية، وواحدة ممن شاركوا في حلقة دراسية شبكية نظمتها الوكالة تحت عنوان كوفيد-١٩ والتصوير المقطعي الحاسوبي للصدر: البروتوكول والوصول بالجرعة إلى المستوى الأمثل: "خلال الحلقة الدراسية التي نظمتها الوكالة، كانت لدينا فرصة سانحة للتعلم مباشرةً من كبار الخبراء وغيرهم من المهنيين الصحيين الذين ما كان لنا أن نتواصل معهم مباشرة  لولا تلك الحلقة الدراسية. وقد ساعدنا هذا على إدخال تعديلات تكييفية سريعة على خدمات الأشعة التي نقدمها، وكذلك النظر في كيفية تحقيق الاستخدام الأمثل لتقنيات التصوير المقطعي الحاسوبي وغيرها من تقنيات التصوير المستخدمة للكشف عن الإصابة بمرض كوفيد-١٩ من عدمه والحد من مخاطر إصابة المرضى والأطقم الطبية به". وقد تناولت الجلسة، التي عُقدت في نيسان/أبريل ٢٠٢٠، تقنيات التصوير المقطعي الأخرى المستخدمة حاليا في تقييم  كوفيد-١٩ ورصده، وكذلك كيفية ضمان  الاختيار الأمثل  والسليم للبارامترات والبروتوكولات. ويرد هنا المزيد من المعلومات عن التصوير المقطعي الحاسوبي وغيره من تقنيات التصوير التشخيصي.

 وتقول أولا هولمبرغ، رئيسة وحدة وقاية المرضى من الإشعاع في الوكالة: "اتجاه مزيد من الناس للخضوع للمسح بتقنيات التصوير التشخيصي، من قبيل التصوير المقطعي الحاسوبي، بسبب كوفيد-١٩ يعني أن المرضى والعاملين يمكن أن يكونوا محفوفين بدرجة أكبر من خطر التعرض للإشعاع ولذلك المرض. ويفاقم من هذا الوضع إثقال كاهل المستشفيات التي اضطرت إلى تنفيذ هذه الإجراءات بطرق مختلفة أو في بيئات غير مصممة في الأصل لهذا الغرض، مثل المرافق الصحية المؤقتة التي تُقام في صالات اللياقة البدنية." وتضيف قائلة: " بفضل تناول مسائل الجرعات والبروتوكولات، بل حتى كيفية المواظبة على النظافة الصحية والعمل تحت الضغط في بيئة تشهد تفشي الجائحة، يصبح العاملون الصحيون أقدر على ضمان جعل إجراءات التصوير تلك، التي يمكن أن تكون منقذة للأرواح، إجراءات فعالة وفي الوقت نفسه مأمونة للمرضى وللعاملين أنفسهم."

مستودع للمعلومات والمبادئ التوجيهية

ما فتئت الوكالة، في إطار استكمال حلقاتها الدراسية الشبكية، تستعرض كذلك طائفة واسعة من مصادر المعلومات ذات الأهمية المتعلقة بكوفيد-١٩ وتتيحها لأقسام الطب الإشعاعي.  وضمن هذه المصادر مجموعةُ غنية بالتفاصيل تشمل معلومات مُحكَّمة تتعلق بثلاث من تقنيات التصوير التشخيصي، ألا وهي: التصوير بالأشعة السينية، والتصوير المقطعي الحاسوبي، والتصوير الفائق الصوت.  وتوضح المجموعة، التي صدرت في مطلع آذار/مارس بعد ورود طلبات من عاملين صحيين من شتى أنحاء العالم، دور كل تقنية في تشخيص كوفيد-١٩، وتضرب أمثلة على الشكل الذي غالبا ما يظهر به كوفيد-١٩ في الصور التشخيصية الطبية في مختلف مراحل المرض. ويرد هنا المزيد من المعلومات عن تقنيات التصوير التشخيصي تلك.

تقول ديانا باييز، رئيسة قسم الطب النووي والتصوير التشخيصي في الوكالة: "معرفة كيفية استخدام التصوير الطبي استخداما صحيحا وما ينبغي البحث عنه أمران بالغا الأهمية لفهم أثر المرض على الجسم، علاوةً على أي مضاعفات محتملة." وتضيف قائلة: "وقد أعدت هذه المجموعة من المعلومات بحيث تمكن العاملين الصحيين من التعرف سريعا على ما ينبغي لهم فعله وما ينبغي لهم البحث عنه من أجل استخدام التصوير الطبي استخداما فعالا في مواجهة هذا المرض الجديد."

وفي نيسان/أبريل ٢٠٢٠، نشرت الوكالة المبادئ التوجيهية لأقسام الطب النووي أيضا في المجلة الأوروبية للطب النووي والتصوير الجزيئي. وتهدف هذه المبادئ التوجيهية إلى مساعدة أقسام الطب النووي على إدخال تعديلات تكيفية على الإجراءات التشغيلية من أجل الحد من خطر الإصابة بعدوى كوفيد-١٩ في صفوف المرضى والموظفين والجمهور بأقصى درجة ممكنة. وكذلك، تسترعي المبادئ الانتباه إلى احتمال حدوث نقص في المستحضرات الصيدلانية الإشعاعية اللازمة للتصوير نتيجة للقيود المفروضة على الحركة الجوية العالمية.

وقد أعدت هذه المبادئ التوجيهية في إطار تلبية الطلبات الواردة من أقسام الطب النووي في العديد من البلدان.  وتستند إلى إرشادات منظمة الصحة العالمية المتعلقة بالخدمات الصحية الأساسية الواجب توافرها خلال الفاشيات، علاوةً على استعراض أُجرى للدراسات السابقة المتوافرة، ومساهمات مقدمة من خبراء دوليين، ونتائج الحلقات الدراسية الشبكية التي نظمتها الوكالة.

وتركز الوثيقة على أهمية الحد من خطر انتشار الفيروس كي لا يصيب الموظفين والمرضى وأفراد الأسرة، وكذلك مكافحة انتشاره عند تقديم خدمات الطب النووي الأساسية والحرجة.

 وترد بها أيضا معلومات مفصلة عن كيفية الوصول ببيئة المرافق ومنصة تقديم خدماتها إلى المستوى الأمثل، وكذلك كيفية مُضي ممارسي الطب النووي قدما، إذا خلصت النتائج، خلال إجراءات أخرى لا علاقة لها بكوفيد-١٩ مثل التصوير المقطعي بالانبعاث البوزيتروني-التصوير المقطعي الحاسوبي الذي يُنفَّذ لتقييم الإصابة بالسرطان، إلى أن ثمة أنماطا تتسق مع احتمال وجود إصابة إضافية  بكوفيد-١٩.

وتضيف باييز قائلة: "أثرى تبادل المعارف بين الأقران خلال هذه الجائحة فهمنا الجماعي مع استمراره في إرشادنا إلى نُهج يمكن اتباعها." وتستطرد قائلة: "لا يفيد ذلك العاملين في المستشفيات والزملاء والمرضى فحسب، بل يساعدنا أيضا في ضمان مواصلة تقديم خدمات الطب الإشعاعي."

1 نُظمت العديد من حلقات الوكالة الدراسية الشبكية المتعلقة بكوفيد-١٩ وعُقدت بالتعاون مع الجهات التالية:  الفريق الأفريقي المعني ببحوث علم الأورام الإشعاعي، والجمعية الأمريكية لعلاج أمراض القلب بالأساليب النووية، والجمعية الأمريكية  للعلاج الإشعاعي للأورام، ورابطة الأطباء العرب لمكافحة السرطان، والجمعية العربية للطب النووي، واتحاد آسيا وأوقيانوسيا للطب النووي والبيولوجيا النووية، والمجلس التعاوني الإقليمي الآسيوي للطب النووي، والرابطة الأيبيرية الأمريكية اللاتينية للعلاج الإشعاعي للأورام، والرابطة المتوسطية للعلاج الإشعاعي وعلاج الأورام، والجمعية الأسترالية والنيوزيلندية للطب النووي، والجمعية النمساوية للطب النووي والتصوير الجزيئي، الجمعية البريطانية للطب النووي، الجمعية البرازيلية للطب النووي، الجمعية الصينية للعلاج الإشعاعي للأورام، الرابطة الأوروبية للطب النووي، الرابطة الأوروبية للعلاج الإشعاعي والأورام، اتحاد المنظمات الآسيوية للعلاج الإشعاعي للأورام، منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، الجمعية الألمانية للطب النووي، الرابطة الإيطالية للطب النووي، رابطة الجمعيات الأمريكية اللاتينية لعلوم الأحياء والطب النووي، الجمعية الفلبينية للطب النووي، الكلية الملكية الاسترالية والنيوزلندية لاختصاصيي الأشعة، الرابطة الروسية لاختصاصيي العلاج الإشعاعي للأورام، جمعية الطب النووي والتصوير الجزيئي، الجمعية الجنوب أفريقية للطب النووي، الجمعية الأوروغوايية لعلوم الأحياء والطب النووي، الجمعية العالمية للمستحضرات الصيدلانية الإشعاعية والعلاج الجزيئي، الاتحاد العالمي للطب النووي والبيولوجيا النووية، منظمة الصحة العالمية.

٢٠٢٠/٠٦
Vol. 61-2

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية