You are here

استئصال ذباب تسي تسي: السنغال تقترب من تحقيق أول انتصار

Deployment of a tsetse trap

نشر مصيدة تسي تسي لرصد تقدم حملة الاستئصال في إقليم نياييس في السنغال. (الصورة من: مارك فريسين/ الشعبة المشتركة بين الفاو والوكالة)

في أعقاب برنامج استئصال امتدَّ لأربعة أعوام وشمل تقنيات نووية، بات اليوم إقليم نياييس في السنغال شبه خالٍ من ذبابة تسي تسي التي تسبَّبت في السابق في القضاء على الماشية.

ويقول مربي الماشية عمر ساو: "لم أرَ ذبابة تسي تسي واحدة منذ سنة." "وهذا عكس ما كان عليه الحال في السابق عندما كانت تتزايد في العدد، خاصة في الموسم البارد. كان ذباب تسي تسي فعلاً مؤذياً لحيواناتنا، وكان علينا أن نختار بعناية وقت حَلْبِها. أما الآن فلا مشكلة في ذلك."

وذبابة تسي تسي حشرة ماصَّة للدم تقتل ما يربو على ثلاثة ملايين رأس ماشية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى سنوياً، وتتكبَّد صناعة الزراعة جرَّاء ذلك أكثر من ٤ مليار دولار أمريكي سنوياً. وتنقل ذبابة تسي تسي طفيليات تسبِّب مرضاً ضمورياً في الماشية يُسمى ناغانا. وفي بعض أجزاء أفريقيا تتسبَّب ذبابة تسي تسي أيضاً بأكثر من ٠٠٠ ٦٥ حالة من ’مرض النوم‘ عند الإنسان، وهو المرض الذي يؤثر في الجهاز العصبي المركزي ويتسبَّب بالتَّوَهان، وتغيُّرات في الشخصية، وتداخل الكلام، ونوبات، وصعوبة في المشي والكلام، ويقود في نهاية المطاف إلى الوفاة

استئصال التناسل

نجحت السنغال في إدماج تقنية لمكافحة تناسُل الحشرات باستخدام التشعيع لتعقيم ذكور الذباب، الأمر الذي يقلص تجمُّعات الذباب مع مرور الوقت (أنظر الإطار). وقضت هذه التقنية على تجمُّعات الذباب بنسبة ٩٨ بالمئة في منطقتين من أصل ثلاث مناطق في إقليم نياييس موبوءة بذباب تسي تسي، فيما سيتم تطبيق التقنية في منطقة ثالثة العام القادم وفق ما يقول بابا سال، مدير المشاريع في وزارة الثروة الحيوانية والإنتاج الحيواني السنغالية. ويقول سال إن القضاء على ذباب تسي تسي سيعزز إلى حد بعيد الأمن الغذائي، وسيسهم في التقدم الاجتماعي-الاقتصادي، مضيفاً أن البحوث التي أُجريت في ٢٢٧ مزرعة أشارت إلى أن دخل سكان المناطق الريفية في إقليم نياييس سيزداد بنسبة ٣٠ بالمئة.

يقول لولو ميندي، أحد مربي الخنازير في المنطقة، إن الحياة باتت مريحة أكثر، لا بالنسبة للحيوانات فحسب، بل أيضاً للمزارعين أنفسهم. ويقول هنا: "الآن بإمكاننا النوم حتى في العراء". "وفي السابق كان هذا من المُحَال بسبب لدغات ذباب تسي تسي."

ويقول سال إن المساحة الإجمالية الموبوءة في السنغال تناهز ٦٠٠٠٠ كيلومتر مربع، وتُعد السنغال واحدة من بين ٣٨ بلداً أفريقياً موبوءاً بذباب تسي تسي. وانطلقت المرحلة العملية من حملة مكافحة ذباب تسي تسي في إقليم نياييس بالقرب من العاصمة السنغالية داكار في عام ٢٠١١. ويقع إقليم نياييس على الساحل الغربي للمحيط الأطلسي ويتألف من بقايا غابات غينية، ويشكل زيت النخيل الأفريقي أهم نباتاتها، ويتسم الإقليم بمناخ محلي ساحلي وظروف بيئية ملائمة لذباب تسي تسي من نوع Glossina Palpalis Gambiensis.

واختارت الحكومة السنغالية هذا الإقليم لأنه ملائم أكثر من غيره لسلالات معينة من الماشية تنتج كمية أكبر من الحليب واللحوم مقارنة بالماشية في مناطق أخرى. بَيْد أن المعدلات العالية لعقم الماشية وفقدان الوزن، بسبب داء ناغانا، تسبَّبت في تراجع إنتاج اللحوم والحليب، مثلما تسبَّبت في جعل الماشية واهنة عن حَرْث الأرض أو نقل المحصول، الأمر الذي أثَّر كثيراً في إنتاج المحاصيل، على حد قول مارك فريسين، مدير مختبر مكافحة الآفات الحشرية في الشعبة المشتركة بين الفاو والوكالة لاستخدام التقنيات النووية في الأغذية والزراعة.

الآن بإمكاننا النوم حتى في العراء. وفي السابق كان هذا من المُحَال بسبب لدغات ذباب تسي تسي.
لولو مندي، مزارع، نياييس، السنغال

محاولات استئصال سابقة

يقول سال إنَّ الحملات السابقة لاستئصال ذباب تسي تسي في إقليم نياييس نُفِّذت خلال الفترة من عام ١٩٦١ إلى عام ١٩٨١، وأثمرت عن تقليص أعداد ذباب تسي تسي لمدة عقد، غير أن ظهور هذه الآفة مجدداً في عام ٢٠٠٣ كانت له عواقب شديدة على الماشية ومعيشة المزارعين منذ ذلك الحين. وعَزَت البحوث إخفاق محاولات الاستئصال السابقة إلى أن الحملات لم تنجح في الوصول إلى كافة تجمُّعات ذباب تسي تسي في المنطقة، حيث بقيت جيوبٌ تعافت من خلالها لاحقاً تجمُّعات ذباب تسي تسي.

ويوضح فريسين قائلاً إنَّ التعقيم باستخدام تقنيات نووية هو الوسيلة الأكثر فاعلية في مثل هذه الظروف على وجه التحديد: أي عندما تتقلَّص تجمُّعات الذباب بشكل كبير بالاستعانة بتقنيات تقليدية مع وجود جيوب متبقية منها. ويقول: "ذكور الذباب المعقَّمة ستبحث عن الإناث العذراء أينما كانت." "وسيقود هذا إلى الاستئصال الكامل للتجمُّعات في هذه المناطق."

واستُهلَّ المشروع في السنغال بإجراء دراسة جدوى في عام ٢٠٠٦، بدعم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، ومركز التعاون الدولى للبحوث الزراعية من أجل التنمية، وحكومة السنغال من خلال المعهد السنغالي للبحوث الزراعية ومديرية الخدمات البيطرية لتقييم إمكانية إنشاء منطقة خالية من ذباب تسي تسي في إقليم نياييس. ووجدت الدراسة التي أُجريت على مدى أربعة أعوام أن ٢٨.٧ بالمئة من الماشية تعاني مشكلاتٍ صحية مهلكة بسبب ذباب تسي تسي.

وبدأ إطلاق ذكور ذباب تسي تسي العقيمة في عام ٢٠١٢، بعد ثلاثة أعوام من التجارب الريادية والتدريب والتحضير والاختبار.

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية