You are here

أوجه التقدُّم المحرز في مجال الطب النووي: استخدام التصوير الجزيئي لتشخيص الخرف

,

واستعرضت فعالية جانبية نُظِّمت في المؤتمر العام للوكالة التقدُّم السريع الحاصل في التصوير الوظيفي والهيكلي للدماغ والدور المحوري الذي يؤديه التصوير في تشخيص الخرف.

رغم أنَّه لا يوجد علاج شافٍ للعديد من الأمراض النفسية العصبية، من قبيل خرف ألزهايمر، يظلُّ التشخيص الدقيق مهماً من أجل تدبير رعاية المرضى. وكما أوضح الفيلم الذي صدر في عام ٢٠١٤ بعنوان "ما تزال أليس" (Still Alice) لعموم الجمهور، فإنَّ تأخُّر التقييم الدقيق للمرحلة التي وصل إليها المرض يؤدِّي إلى معاناة المريض ومقدِّمي الرعاية على حد سواء. وهنا يأتي دور التصوير الجزيئي، الذي يمكن أن يوفِّر تقييماً دقيقاً للمـرض، حتى في ظلِّ وجود اعتلالات أخرى تتسبَّب في تمويه الأعراض.

واستعرضت فعالية جانبية نُظِّمت اليوم في المؤتمر العام للوكالة التقدُّم السريع الحاصل في التصوير الوظيفي والهيكلي للدماغ والدور المحوري الذي يؤديه التصوير في تشخيص الخرف، والتعرُّف المبكِّر على الخرف التدريجي، ورصد تطور المرض وأثر العلاج.

وفي سلسلة الأسئلة والأجوبة التالية، فإنَّ البروفيسور ساتوشي مينوشيما، رئيس قسم علوم الأشعة والتصوير في جامعة يوتاه والذي يترأس مشروعاً بحثياً منسَّقاً من مشاريع الوكالة بشأن استخدام التصوير الجزيئي لتشخيص الخرف، يقدِّم تفسيراً لأهمية التصوير الجزيئي في طب النفس والأعصاب:

من المعروف أنَّ تقنيات التصوير الجزيئي تُستَخدم في أمراض القلب والسرطان والاضطرابات العصبية. فكيف يمكن أن تُستَخدم هذه التقنيات عندما يتعلق الأمر بتشخيص أمراض مقترنة بالخرف، مثل مرض ألزهايمر؟

لقد تقدَّم التصوير الدماغي الجزيئي تقدُّماً كبيراً خلال العقود القليلة الماضية. فمنذ تسعينات القرن العشرين، أصبح التصوير المقطعي بالانبعاث البوزيتروني باستخدام المستحضر الصيدلاني الإشعاعي فلوروديوكسي غلوكوز ومسح التروية الدماغية باستخدام التصوير المقطعي الحاسوبي بالانبعاث الفوتوني المفرد يمثِّلان أداتين بالغتي الأهمية في تمكين الأطباء الإكلينيكيين من تشخيص اضطرابات دماغية متنوعة، مثل مرض ألزهايمر وغيره من أشكال الخرف. ورغم أنَّه لا يمكن في الوقت الراهن علاج الأمراض التنكُّسية العصبية بما يكفل الشفاء منها، فإنَّها كثيراً ما تتطلب نُهُجاً مختلفة ومحدَّدة لعلاج الأعراض وتخطيط الرعاية وتوفير الإرشادات لمقدِّمي الرعاية وأفراد الأسرة. وهذا يعني أنَّ زيادة دقة التشخيص التفريقي أمرٌ لا غنى عنه من أجل تحسين رعاية المرضى.

وفي الآونة الأخيرة، أصبح تصوير الصفائح النشوية باستخدام التصوير المقطعي بالانبعاث البوزيتروني متاحاً في المرافق الإكلينيكية في العديد من البلدان. وتكشف هذه التقنية عن واحدة من العمليات الرئيسية المسبِّبة للمرض والمرتبطة بمرض ألزهايمر.
وهي تخصُّ تحديداً رواسب البروتين غير الطبيعية التي تقع في مرض ألزهايمر، وترسم صورة أكثر تفصيلاً مقارنة بالمقتفيات الإشعاعية الأكثر عمومية التي كانت تُستخدم في الماضي. ويجري حاليًّا تقييم فائدتها الإكلينيكية من خلال تجارب تُجرى في مراكز متعدِّدة.

وتعكف الأوساط البحثية على تقييم تكنولوجيات جديدة أخرى للتصوير المقطعي بالانبعاث البوزيتروني، مثل تصوير رواسب بروتينات تاو وتصوير الالتهابات. ولا يقتصر الهدف من كلِّ هذه الجهود على المساعدة في توفير الرعاية اليومية للمرضى، وإنما يشمل أيضاً توفير معارف بالغة الأهمية عن مسار المرض في حدِّ ذاته وهو ما سوف يساعد على تحسين التطورات العلاجية.

لمرض ألزهايمر وغيره من أمراض الخرف أعراضٌ واضحة. فما هي الفائدة الإضافية التي يمكن أن يقدِّمها التصوير الجزيئي في تشخيص تلك الأمراض ولماذا يُعدُّ ذلك ضروريًّا في هذا الصدد؟

لا يحتاج جميع المرضى إلى استخدام التصوير الجزيئي لتشخيص حالاتهم. ففي واقع الأمر، تظهر الأعراض الشائعة والنمطية على ٨٥٪-٩٠٪ من المرضى، وهو ما يتيح للأطباء الإكلينيكيين تشخيص حالاتهم بدقة على هذا الأساس. أمَّا التصوير الجزيئي فهو مفيدٌ في الحالات المعقدة، أو حين توجد أيضاً حالات مرضية أخرى ولا يتبيَّن على الفور أيُّ هذه الأمراض هو الذي يمكن أن تُعزى الأعراض إليه. فالسكتة الدماغية تعتبر من الاعتلالات المشتركة الشائعة. وقد تؤثر السكتة الدماغية بمفردها في وظائف المخ، ويمكن أن تتشابه بعض أعراضها مع الأعراض التي تسبِّبها أمراض الخرف التنكُّسية العصبية. ويتيح التصوير الجزيئي للأطباء أن يميِّزوا ما بين الحالتين.

يعيش في البلدان النامية ثلثا المرضى الذين يعانون من الخرف والبالغ عددهم ٤٤ مليوناً في جميع أنحاء العالم. وهذه التقنيات عالية التكلفة. فهل من الواقعي أن يتمكَّن أولئك المرضى من الاستفادة من هذه الأدوات التشخيصية؟

رغم أنَّ التصوير المقطعي بالانبعاث البوزيتروني باستخدام الفلوروديوكسي غلوكوز و/أو مسح التروية الدماغية باستخدام التصوير المقطعي الحاسوبي بالانبعاث الفوتوني المفرد هما من التقنيات السائدة إلى حدٍ كبير في العديد من البلدان النامية، فإنَّ التصوير الجزيئي من التكنولوجيات العالية التكلفة التي لا يمكن تطبيقها على جميع المرضى الذين يعانون من الخرف في جميع أنحاء العالم. ومشكلة التكلفة نفسها توجد في البلدان المتقدمة النمو أيضاً. 

ومن أجل استخدام التصوير الدماغي الجزيئي بأكبر قدر ممكن من الفعالية، أصدرت عدَّة جمعيات مهنية "معايير الاستخدام الملائم" للتصوير الدماغي المقطعي بالانبعاث البوزيتروني. وبالاستعانة بتلك المعايير، ينبغي أن يكون بوسعنا ألا نستخدم هذه التكنولوجيا إلا في الحالات التي تؤدي فيها إلى أكبر أثر ممكن في رعاية المرضى، ومن ثمَّ المحافظة على مواردنا الثمينة. كما أنَّه يجري تطوير اختبارات أقل تكلفة يمكن تطبيقها على نطاق أوسع دون أن تتطلب استخدام التصوير العالي التكلفة. وفي المستقبل، ينبغي أن يغني استخدام تلك التكنولوجيات عن الاستخدام الروتيني لتكنولوجيات التصوير الأكثر تكلفة وتعقيداً، ويؤمَل أن يؤدي ذلك إلى استخدام التصوير بفعالية أكبر في حال وجود أعراض إكلينيكية محدَّدة ولفائدة المرضى ذوي الحالات التي تنطوي على مظاهر إكلينيكية معقَّدة.

هل يمكن أن تكلِّمنا عما تترأسه من مشاريع بحثية تابعة للوكالة؟

يمكن أن تحدث الإصابة بأمراض الخرف، مثل مرض ألزهايمر، بالاقتران مع حالات مرضية أخرى مثل أمراض الأوعية الدموية وداء السكري والإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. وهذه الاعتلالات المشتركة شائعة في البلدان النامية. وبغية المساعدة في جهود التشخيص التي ستُبذل في المستقبل فيما يتعلق بالمرضى الذين لم تتحدَّد حالتهم بعد، يتعيَّن الاضطلاع بمزيد من التحليل للاستنباطات المستمدة من التصوير الدماغي للمرضى المعروف أنَّهم مصابون بهذه الاعتلالات المشتركة. والهدف من مشروع الوكالة هو جمع وتحليل هذه الاستنباطات التشخيصية المستمدة من الصور.

كيف يمكن للوكالة أن تقدِّم المساعدة — بما في ذلك من خلال هذا المشروع البحثي — على زيادة فرص الاستفادة من التصوير الجزيئي في هذا المجال؟

هناك العديد من الأمور التي يمكن للوكالة أن تساعد فيها. ومن أهمها إذكاء الوعي بهذه التكنولوجيا وتثقيف الأطباء والمرضى بشأن الكيفية التي يمكن أن تدعم بها التدبير الإكلينيكي للخرف. ويمكن للوكالة أن تساعد على توسيع نطاق توافر هذه التكنولوجيا في البلدان النامية عن طريق تقييم الموارد وتقديم الدعم وحشد التأييد في الدول الأعضاء.

"لا يقتصر الهدف من كلِّ هذه الجهود على المساعدة في توفير الرعاية اليومية للمرضى، وإنما يشمل أيضاً توفير معارف بالغة الأهمية عن مسار المرض في حدِّ ذاته وهو ما سوف يساعد على تحسين التطورات العلاجية".
— ساتوشي مينوشيما، رئيس قسم علوم الأشعة والتصوير، جامعة يوتاه بالولايات المتحدة الأمريكية

موارد ذات صلة

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية